الثاني: أن يظهر منه ما يدل على عدم الرضا، فلا يحرم السوم إجماعا ولا يكره، لأن أنسا قال: جاء رجل من الأنصار شكى إلى النبي صلى الله عليه وآله الشدة والجهد، فقال له: أما بقي لك شئ، فقال: قدح وحلس قال:
فأتني بهما، فأتاه بهما، فقال: من يبتاعهما؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: من يزيد على درهم، فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه (1). وللإجماع على البيع بالتزايد.
الثالث: أن لا يوجد منه ما يدل على الرضا ولا عدمه، ولا يكره السوم أيضا ولا الزيادة، لأن فاطمة بنت قيس خطبها معاوية وأبوا جهم، فأمرها النبي صلى الله عليه وآله أن تنكح أسامة، مع أنه قد نهى عن الخطبة على خطبة آخر، كما نهى عن السوم على سوم أخيه، فما أبيح في أحدهما أبيح في الآخر.
الرابع: أن يظهر منه ما يدل على الرضا من غير تصريح، ففي الكراهة إشكال، ينشأ: من أصالة الإباحة وعدم الكراهة، ومن أنه وجد منه دليل الرضا، فأشبه ما لو صرح به.
وصورة السوم على السوم: أن يأخذ شيئا ليشتريه فيجئ غيره ويقول:
رده حتى أبيع منك خيرا منه بأرخص، أو يقول لمالكه: استرده لأشتريه بأكثر. وإنما يكره بعد استقرار الثمن، وفي معناه ما روي أنه عليه السلام قال: لا يبع بعضكم على بعض (2).
وصورته: أن يشتري الرجل شيئا فيدعوه غيره إلى الفسخ ليبيعه خيرا منه بأرخص منه.
وكذا الشراء على الشراء، وهو أن يدعوه البايع إلى الفسخ ليشتريه منه بأكثر، وإنما يمكن ذلك عند إمكان الفسخ، وهو أن يكونا في زمن الخيار إما خيار المجلس أو الشرط أو غيرهما، والأقرب أن ذلك مكروه لا محرم للأصل.