للسفر مع رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك، حتى أن بعضهم لم يجدوا نعلا، فسألوا النبي صلى الله عليه وآله ان يحملهم على الخفاف المدبوغة والنعال المخصوفة فقال صلى الله عليه وآله: (لا أجد ما أحملكم عليه، فتولوا وهم يبكون، وهم ثلاثة إخوة: معقل، وسويد، والنعمان بنو مقرن، فأنزل الله تعالى في حقهم: * (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم) * (1).
فظاهر الآية بناء على هذا نفى السبيل، أي: العقاب الأخروي، والعتاب من المجاهدين عليهم لتخلفهم عن الجهاد عن هؤلاء المتخلفين العاجزين، مقيدا بنصحهم لله ورسوله، ولكن العبرة بعموم الآية من حيث المفاد لفظا، ولا اعتبار بخصوصية المورد.
وكثير من الآيات القرآنية واردة في موارد خاصة، ولكن الفقهاء يستدلون بعمومها فيما هو خارج عن المورد. نعم لابد وأن يكون العموم يشمل المورد، لان تخصيص المورد مستهجن.
فلا بد لنا من شرح هذا الكلام الشريف والجملة المباركة، أي قوله تعالى: * (ما على المحسنين من سبيل) * وانه ما هو الظاهر والمتفاهم العرفي منها.
فنقول: أما كلمة (المحسنين) فهو جمع معرف باللام يفيد العموم، وأما (الاحسان) هو صدور الجميل من قول أو فعل بالنسبة إلى غيره، وذلك قد يكون بايصال نفع إليه مالي أو اعتباري، وقد يكون بدفع ضرر مالي أو اعتباري عنه.
والسبيل المنفي حيث أنه نكرة واقعة في سياق النفي يفيد العموم، لان انتفاء الطبيعة لا يتحقق إلا بانتفاء جميع أفرادها، وإلا يلزم اجتماع النقيضين. فإذا كان مفاد الآية عموم النفي، أي كون السبيل منفيا بطور العموم، ويكون السلب كليا لا