كلها، بخلاف المساكنة، فإنه لا يلزم امتدادها مطلقا لصدقها على القليل والكثير فلا تكون المدة قيدا لها بل قيد للمنع، بمعنى أنه منع نفسه عن المساكنة في الشهر، فإذا سكن يوما منه حنث لعدم المنع، هذا غاية ما ظهر لي في هذا المحل، وبه ظهر أن قولهم هنا: إن المساكنة مما لا يمتد، معناه لا يلزم في تحققها الامتداد بخلاف الإقامة إذا قرنت بالمدة فلا ينافي ما مر في كلام المصنف والشارح تبعا لغيرهما أن المساكنة مما يمتد، بخلاف الدخول والخروج، لان معناه أنها يمكن امتدادها، وهذا غير المعنى المراد هنا، وقد خفي هذا على الخير الرملي وغيره فادعوا أنا ما هنا مناقض لما مر، وأن الصواب إسقاط عدم من قوله: لعدم امتدادها فافهم.
ثم اعلم أنه في التاترخانية وغيرها ذكر أنه لو قال عنيت المساكنة جميع الشهر صدق ديانة لا قضاء، وقيل قضاء أيضا، والصحيح الأول.
قلت: وأنت خبير بأن مبنى الايمان على العرف، والعرف الآن فيمن حلف لا يساكن فلانا شهرا أو لا يسكن هذه الدار شهرا أو لا يقيم فيها شهرا أنه يراد جميع المدة في المواضع الثلاثة، والله سبحانه أعلم قوله: (وفي خزانة الفتاوى الخ) مخالف لما يأتي في باب اليمين بالضرب من أنه يشترط في الضرب القصد على الأظهر اه ح.
قلت: ومع هذا لا مناسبة هنا، إلا أن يقال: استوضح به قوله في المسألة المار إن أقام معه حنث علم أو لا. قوله: (من المسجد) قيد به تبعا للإمام محمد في الجامع الصغير احترازا عن الدار المسكونة. قال في الذخيرة ما نصه: قال القدوري: الخروج من الدار المسكونة أن يخرج بنفسه ومتاعه وعياله، والخروج من البلدة أو القرية أن يخرج ببدنه خاصة، زاد في المنتقى: إذا خرج ببدنه فقد بر أراد سفرا أو لم يرد اه. ولا يخي أن قوله: زاد في المنتقى الخ راجع لمسألة الخروج من البلدة والقرية، فلا يدل على أنه يكفي أن يخرج ببدنه في مسألة الدار أيضا فليس في ذلك ما يخالف ما في البحر وغيره، فافهم، نعم في الظهيرية والخانية، ولو حلف لا يخرج من هذه الدار فهو على الرحيل منها بأهله إن كان ساكنا فيها، إلا إذا دل الدليل على أنه أراد به الخروج ببدنه. قوله: (بأن حمل مكرها) أي ولو كان بحال يقدر على الامتناع ولم يمتنع في الصحيح. خانية.
وفي البزازية تصحيح الحنث في هذه الصورة، هذا واعترض في الشرنبلالية ذكر الاكراه هنا بأنه لا يناسب قوله: ولو راضيا إذ لا يجامع الاكراه الرضا اه. وفي الفتح: والمراد من الاخراج مكرها هنا أن يحمله ويخرجه كارها لذلك، لا الاكراه المعروف هو أن يتوعده حتى يفعل، فإنه إذا توعده فخرج بنفسه حنث، لما، عرف أن الاكراه لا يعدم الفعل عندنا اه. وأقره في البحر، واعترض في اليعقوبية التعليل بما قالوا في لا أسكن الدار، فقيد، ومنع يحنث، لان للاكراه تأثيرا في إعدام الفعل، وأجبت عنه فيما علقته على البحر بأنه قد يقال: إنه يعدم الفعل بحيث لا ينسب إلى فاعله إذا أعدم الاختيار وهنا دخل باختيار، فليتأمل. وفي القهستاني عن المحيط، لو خرج بقدميه للتهديد لم يحنث، وقيل حنث اه. ومفاده اعتماد عدم الحنث، لكن في إكراه الكافي للحاكم الشهيد: لو قال عبده حر إن دخل هذه الدار بوعيد تلف حتى دخل عتق، ولا يضمن المكره قيمة العبد.
قوله: (لا يحنث) لان الفعل وهو الخروج لم ينتقل إلى الحالف لعدم الامر وهو الموجب للنقل،