أمرا آخر بعد خروجه إليها فهي ما أفاده في الفتح من أن ذلك الاتيان ليس بخروج، والمحلوف عليه هو الخروج، قوله: (والذهاب) كون الذهاب مثل الخروج هو الذي يمشي عليه في الكنز وغيره، وصححه في الهداية وغيرها. قال في الدر المنتقى: وقيل كالاتيان فيشترط فيه الوصول، وصححه في الخانية والخلاصة. قال الباقاني: والمعتمد الأول، نعم لو نوى بالذهاب الاتيان أو الخروج فكما نوى اه.
قلت: والارسال والبعث كالخروج أيضا، فإنه لا يشترط فيهما الوصول، ففي الذخيرة: لو قال إن لم أرسل إليك أو إن لم أبعث إليك هذا الشهر نفقتك فأنت كذا فضاعت من يد الرسول لا يحنث.
قوله: (والرواح) هو بحث للبحر كما يأتي، ويظهر لي أن العرف فيه استعماله مرادا به الوصول، ولا يخفي أن النية تكفي أيضا، قوله: (والعيادة والزيادة) تابع في ذلك صاحب البحر حيث قال: وقيد الاتيان، لان العيادة والزيارة لا يشترط فيهما الوصول، ولذا قال في الذخيرة: إذا حلف ليعودن فلانا وليزورنه فأتى بابه فلم يؤذن له فرجع ولم يصل إليه لا يحنث، وإن أتى بابه ولم يستأذن حنث اه.
قلت: ومقتضاه أن الاتيان يشترط فيه الاجتماع وليس كذلك لما في الذخيرة: ولو حلف لا يأتي فلانا فهو على أن يأتي منزله أو حانوته لقيه أو لم يلقه وإن أتى مسجده لم يحنث، رواه إبراهيم عن محمد اه.
فقد علم أن العيادة والزيادة مثل الاتيان في اشتراط الوصول إلى المنزل دون صاحبه، بل يشترط في العيادة والزيارة الاستئذان فهما أقوى من الاتيان في اشتراط الوصول، فلا يصح إلحاقهما بالخروج والذهاب، والحمد لله ملهم الصواب. قوله: (إلا في الاتيان) صوابه إلا في الاتيان والعيادة الزيارة كما علمت من اشتراط الوصول في الثلاثة، ومثله الصعود. ففي الذخيرة:
قال لامرأته: إن صعدت هذا السطح فأنت كذا فارتقت مرقاتين أو ثلاثة فقيل يجب أن يكون فيه الخلاف المار في الذهاب. وقال أبو الليث: وعندي لا يحنث هنا بالاتفاق اه.
قلت: وصححه في الخانية، ولعل وجهه أن صعود السطح الاستعلاء عليه فلا بد من الوصول، نعم لو قال: إن صعدت إلى السطح ينبغي أن يجرد فيه الخلاف المار، تأمل. وفي الذخيرة عن المنتقى: لزم رجلا فحلف الملتزم ليأتينه غدا فأتى في الموضع الذي لزمه فيه لا يبر حتى يأتي منزله تحول إليه ولو قال إن لم آتك غدا في موضع كذا فأتاه فلم يجده فقد بر، بخلاف إن لم أوفك لأنه على أن يجتمعا.
قوله: (فلو حلف الخ) تفريع على قوله: لان الشرط في الخروج والذهاب الخ ط. قوله: (بحر بحثا) يؤيده العرف وكذا ما في المصباح حيث قال: وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لا يكون إلا في آخر النهار، وليس كذلك، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير، أي وقت كان من ليل أو نهار. قاله الأزهري وغيره، وعليه قوله عليه الصلاة والسلام من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا أي من ذهب اه. قوله: (ثم رجع عنها) وكذا لو لم يرجع بالأولى فهو غير قيد، ولذا قال في الفتح: رجع عنها أو لم يرجع.