لان المستثنى خروج مقرون بالاذن، فما وراءه داخل في المنع العام، لان المعنى: لا تخرجي خروجا إلا خروجا ملصقا بإذني. قال في النهر: ويشترط في إذنه أن تسمعه وإلا لم يكن إذنا، وأن تفهمه، فلو أذن لها بالعربية ولا عهد لها بها فخرجت حنث، وأن لا تقوم قرينة على أنه لم يرد الاذن، فلو قال لها أخرجي أما والله لو خرجت ليخزينك الله لا يكون إذنا صرح به محمد، وكذا لو قال لها في غضب أخرجي ينوي التهديد لم يكن إذنا، إذ المعنى حينئذ: أخرجي حتى تطلقي اه ملخصا.
وفي البزازية: قامت للخروج فقال دعوها تخرج ولا نية له لم يكن إذنا، سمع سائلا فقال لها أعطيه لقمة فإن لم تقدر على إعطائه بلا خروج كان إذنا بالخروج وإلا فلا، وإن قال اشترى اللحم فهو إذن، ولو أذن لها بالخروج إلى بعض أقاربه فخرجت لكنس الباب أو خرجت في وقت آخر حنث، ولو استأذنت في زيارة الام فخرجت إلى بيت الأخ لا يحنث لوجود الاذن بالخروج، إلا إن قال: إن خرجت إلى أحد إلا بإذني، وفي لا تخرجي إلا برضاي فإذن ولم تسمع أو سمعت ولم تفهم لا يحنث بالخروج، لان الرضا يتحقق بلا علمها بخلاف الاذن وفي إلا بأمري فالآمر أن يحنث بالخروج، لان الرضا يتحقق بلا علمها خلاف الاذن، وفي إلا بأمري فالامر أن يسمعها بنفسه أو رسوله، وفي الإرادة والهوى والرضا لا يشترط سماعها، وفي إلا بعلمي لا يحنث لو خرجت وهو يراها أو أذن لها بالخروج فخرجت بعده بلا علمه اه ملخصا. وتمام فروع المسألة هناك.
قال في البحر: ولا فرق في المسألة بين أن يكون المخاطب الزوجة أو العبد، بخلاف ما لو قال: لا أكلم فلانا إلا بإذن فلان أو حتى يأذن أو إلا أن يأذنه، أو إلا أن يقدم فلان أو حتى يقدم، أو قال لرجل في داره والله لا تخرج إلا بإذني فإنه لا يتكرر الاذن في هذا كله، لان قدوم فلان لا يتكرر عادة، والاذن في الكلام يتناول كل ما يوجد من الكلام بعد الاذن، وكذا خروج الرجل مما لا يتكرر عادة، بخلاف الاذن للزوجة فإنه لا يتناول إلا ذلك الخروج المأذون فيه، لا كل خروج إلا بنص صريح فيه، مثل أذنت لك أن تخرجي كلما أردت الخروج، كذا في الفتح اه.
(تتمة): في النهر عن المحيط: لو قال إلا بإذن فلان فمات المحلوف عليه بطلت اليمين عندهما، خلافا لأبي يوسف اه. وفي الذخيرة: حلف لا يشرب بغير إذن فلان فناوله فلان بيده ولم يأذن باللسان وشرب ينبغي أن يحنث، لأنه ليس بإذن بل هو دليل الرضا. قوله: (أو فرقة) قال في الفتح: ثم انعقاد اليمين على الاذن في قوله: إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق، والله لا تخرج إلا بإذني مقيد ببقاء النكاح. لان الاذن إنما يصح لمن له المنع، وهو مثل السلطان إذا حلف إنسانا ليرفعن إليه خبر كل داعر في المدينة كان على مدة ولايته، فلو أبانها ثم تزوج فخرجت بلا إذن لا تطلق، وإن كان زوال الملك لا يبطل اليمين عندنا لأنها لم تنعقد إلا على بقاء النكاح اه. فلو لم يقيد بالاذن لم يتقيد، بقيام النكاح، كما سيذكره الشارح عن الزيلعي في أواخر الايمان مع عدة مسائل من هذا الجنس، وهو كون اليمين المطلقة تصير مقيدة بدلالة الحال، بقي لو خرجت في عد البائن هل يحنث؟ يظهر لي عدمه لأنها وإن كانت ممنوعة لكن مانعها الشرع لا الزوج. تأمل. قوله: (دين) أي ولا يصدق في القضاء، وعليه الفتوى. خانية: أي لأنه خلاف الظاهر، وإنما دين لأنه محتمل كلامه، لان الاذن مرة موجب الغاية في قوله: حتى آذن وبين الاستثناء والغاية مناسبة من حيث إن ما