جنسها، ولهذا أفتى أكثرهم بقتل من أكثر من سب النبي (ص) من أهل الذمة وإن أسلم بعد أخذه، وقالوا يقتل سياسة، وهذا متوجه على أصولهم اه. فقد أفاد أنه يجوز عندنا قتله إذا تكرر منه ذلك وأظهره، وقوله: وإن أسلم بعد أخذه، لم أر من صرح به عندنا، لكنه نقله عن مذهبنا وهو ثبت فيقبل. قوله: (قال العيني الخ) قال في البحر: لا أصل له في الرواية اه. ورده الخير الرملي لا يلزم من عدم النقض عدم القتل، وقد صرحوا قاطبة بأنه يعزر على ذلك ويؤدب، وهو يدل على جواز قتله زجرا لغيره، إذ يجوز الترقي في التعزير إلى القتل، إذا عظم موجبه ومذهب الشافعي كمذهبنا على الأصح. قال ابن السبكي: لا ينبغي أن يفهم من عدم الانتقاض أنه لا يقتل، فإن ذلك لا يلزم اه. وليس في مذهبنا ما ينفي قتله خصوصا إذا أظهر ما هو الغاية في التمرد، وعدم الاكتراث والاستخفاف واستعلى على المسلمين على وجه صار متمردا عليهم اه. ونقل المقدسي ما قاله العيني، ثم قال: وهو مما يميل إليه كل مسلم، والمتون والشروح خلافه. أقول: ولنا أن نؤدب الذمي تعزيرا شديدا بحيث لو مات كان دمه هدرا اه.
قلت: لكن هذا إذا أعلن بالسب وكان مما لا يعتقده كما علمته آنفا. قوله: (وتبعه ابن الهمام) حيث قال: والذي عندي أن سبه عليه الصلاة والسلام أو نسبة مالا ينبغي إلى الله تعالى إن كان مما لا يعتقدونه كنسبة الولد (1) إلى الله تعالى وتقدس عن ذلك إذا أظهره يقتل به، وينتقض عهده، وإن لم يظهره ولكن عثر عليه، وهو يكتمه فلا، وهذا لأنه الغاية في التمرد والاستخفاف بالاسلام والمسلمين، فلا يكون جاريا على العقد الذي يدفع عنه القتل وهو أن يكون صاغرا ذليلا، إلى أن قال: وهذا البحث منا يوجب أنه إذا استعلى على المسلمين على وجه صار متمردا عليهم يحل للامام قتله أو يرجع إلى الذل والصغار اه. قال في البحر: وهو بحث خالف فيه أهل المذهب اه. وقال الخير الرملي: إن ما بحثه في النقض مسلم مخالفته للمذهب، وأما ما بحثه في القتل فلا اه: أي لما علمته آنفا من جواز التعزير بالقتل، ولما يأتي من جواز قتله إذا أعلن به. قوله: (وبه أفتى شيخنا) أي بالقتل لكن تعزيرا كما قدمناه عنه، وينبغي تقييده بما إذا ظهر أنه معتاده كما قيده به في المعروضات، أو بما إذا أعلن به كما يأتي، بخلاف ما إذا عثر عليه وهو يكتمه كما مر عن ابن الهمام. قوله: (وبه أفتى) أي أبو السعود مفتي الروم، بل أفتى به أكثر الحنفية إذا أكثر السب، كما قدمناه عن الصارم المسلول وهو معنى قوله: إذا ظهر أنه معتادة ومثله ما إذا أعلن به كما مر، وهذا معنى قول ابن الهمام: إذا أظهره يقتل به، فلم يكن كلامه مخالفا للمذهب، بل صرح به محرر المذهب الإمام محمد كما يأتي. قوله: (بأنه يقتل) لم يقيده بما إذا اعتاده كما قيد به أولا، فظاهره أنه يقتل مطلقا، وهو موافق لما أفتى به الخير الرملي ولما مر عن العيني والمقدسي، لكن علمت تقييده بالإعلان، أو بما في الصارم المسلول من اشتراط التكرار. قوله: (لسبه للأنبياء) المراد