اللصوص متاع قوم فاستغاثوا بقوم فخرجوا في طلبهم، فإن كان أرباب المتاع معهم أو غابوا لكن يعرفون مكانهم ويقدرون على رد المتاع عليهم: حل لهم قتال اللصوص، وإن كانوا لا يعرفون مكانهم ولا يقدرون على الرد: لا يحل، وتمامه فيه. قوله: (بكسر النون) أي ككتف وتسكن للتخفيف، ومثله الحلف والحلف، وفعله من باب قتل. مصباح. قوله: (في المصر) وكذا في غيره كما في شرح الشلبي عن الجامع الصغير، فهو قيد اتفاقي، بل غير المصر يعلم بالأولى، وإنما قيد به لئلا يتوهم أنه لا يكون كذلك في المصر كما في قطع الطريق. قوله: (أي خنق مرارا) أراد مرتين فصاعدا بقرينة قوله الآتي: وإلا بأن خنق مرة وفي البحر: قيد بتعدده لأنه لو خنق مرة واحدة فلا قتل عند الامام. قوله: (سياسة) قدمنا الكلام عليها في حد الزنا. قوله: (وكل من كان كذلك) كاللوطي والساحر والعواني والزنديق والسارق كما قدمناه في أوائل باب التعزير. قوله: (عند غير أبي حنيفة) أي عند صاحبيه ومن وافقهما من باقي الأئمة، أما عند أبي حنيفة فتجب الدية على عاقلته كما في البحر، والله سبحانه أعلم.
بسم الله وبحمده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده، وعلى آله وصحبه وجنده. وبعد: فيقول مؤلفه أفقر العباد إلى عفو مولاه يوم التناد، محمد أمين الشهير بابن عبدين، خادم العلوم الشرعية، في دمشق الشام المحمية قد نجز تسويد هذا النصف المبارك، بعون الله جل وتبارك، من الحاشية المسماة رد المحتار، على الدر المختار في صفر الخير سنة ثمان وأربعين ومائتين وألف، من هجرة نبينا محمد الذي تم به الألف، (ص) وشرف وعظم، فجاء بحمد الله تعالى مكملا فرعا وأصلا، ردا للمحتار على الدر المختار اسما وفعلا، لاشتماله على تنقيح عبارته، وتوضيح رموزه وإشاراته، والاعتناء ببيان ما هو الصحيح المعتمد وما هو معترض ومنتقد، وتحرير المسائل المشكلة، والحوادث المعضلة، التي لم يوضح كثيرا منها أحد قبل ذلك، ولا سلك مهامه بيانها سالك، مشحونا بذخائر زبر المتقدمين، وخلاصة كتب المتأخرين، ورسائلهم المؤلفة في الحوادث الغريبة، الجامعة للفوائد العجيبة، كرسائل العلامة ابن نجيم الأربعين، ورسائل العلامة الشرنبلالي الستين، وكثير من رسائل العلامة على القاري خاتمة الراسخين، ورسائل سيدي عبد الغني النابلسي الحبر المتين، ورسائل العلامة قاسم خاتمة المجتهدين، وحواشي البحر والمنح والأشباه وجامع الفصولين للفهامة الشيخ خير الدين، وفتاويه الخيرية، وفتاوى ابن الشلبي والرحيمي، والشيخ إسماعيل، والفتاوى الزينية والتمرتاشية، والحامدية، وفتاوى غيرهم من المفتين، وتحويرات شيوخنا ومشايخهم المعتبرين، وما من به الله تعالى على عبده من الرسائل التي ناهزت الثلاثين، وما حررته ونقحته في كتابي تنقيح الفتاوى الحامدية الذي هو بهجة الناظرين، وغير ذلك من كتب السادة الأخيار المعتمدين، مع بيان ما وقع من سهو أو غلط في كتب الفتاوى وكتب الشارحين، ولا سيما ما وقع في البحر والنهر والمنح والأشباه والدرر وكتب المحشين، حتى صار بحمد الله تعالى عمدة المذهب، والطراز المذهب، ومرجع القضاة والمفتين، كما يعلمه من غاص بأفكاره في تياره من