عند توهم ذلك لأنه عند التحقق يجوز النبش في المسلم لحق آدمي كسقوط متاع أو تكفين بثوب مغصوب أو دفن مال معه ولو درهما كما في جنائز البحر، فافهم قوله: (أن يبدأ أصله المشرك) لأنه يجب عليه إحياؤه بالانفاق فيناقضه الاطلاق في إفتائه. هداية. والأولى التعليل بأنه كان سبب إيجاده لما يأتي قريبا قيد بالبدء احترازا عما لو قصد الأصل قتله كما يأتي، وبالأصل احترازا عن الفرع المشرك وإن سفل، فللأب أن يبتدئ بقتله وكذا سائر القرابات كما في البحر والنهر، وعدل عن تعبير الكنز بالأب، لان أمه وأجداده وجداته من قبل الأب والام كالأب. قوله: (كما لا يبدأ قريبه الباغي) أشار إلى فائدة التقييد بالمشرك، وهي أنه لو كان المحارب باغيا لا يتقيد بكونه أصلا، بل يعم الأخ وغيره.
قال في البحر: لأنه يجب عليه إحياؤه بالانفاق عليه لاتحاد الدين، فكذا بترك القتل اه.
قلت: ومفاده تقييد القريب بالرحم المحرم، لأنه لا يجب عليه أن ينفق على غيره، لكن يراد أنه يجب عليه الانفاق على فرعه المشرك. ويجاب بأن ذاك في غير الحربي، لأنه لا يجب الانفاق على الأصول والفروع الحربيين كما مر في بابه، لكن يلزم منه أن يكون له بدء أصله بالقتل، وأن لا يصح التعليل المار عن الهداية بأنه يجب عليه إحياؤه بالانفاق كما أورده في الحواشي السعدية، فالأولى التعليل بما ذكره في شرح السير أن الأب كان سبب إيجاده فلا يكون سبب إعدامه بالقصد إلى قتله كما قدمناه. قوله: (بل يشغله) أي بالمحاربة بأن يعرقب فرسه، أو يطرحه عنها أو يلجئه إلى مكان ولا ينبغي أن ينصرف عنه ويتركه. نهر. قوله: (فإن فقد قتله) أي إذا لم يكن ثمة غيره قتله، كذا قاله في النهر، ولم أره لغيره. وعبارة الزيلعي: وإن لم يكن ثمة من يقتله لا يمكنه من الرجوع، حتى لا يعود حربا على المسلمين، ولكنه يلجئه إلى مكان يستمسك به حتى يجئ غيره فيقتله. قوله: (ولو قتله فهدر) أي باطل لا دية فيه ولا قصاص، نعم عليه التوبة والاستغفار كما في شرح الملتقى. قوله: (لجواز الدفع مطلقا) أي ولو كان الأب مسلما فإنه إذا أراد قتل ابنه ولا يتمكن من التخلص منه إلا بقتله كان له قتله لتعينه طريقا لدفع شره، فهنا أولى، ولو كانا في سفر وعطشا ومع الابن ماء يكفي لنجاة أحدهما كان للابن شربه ولو كان الأب يموت، وينبغي أنه لو سمع أباه المشرك يذكر الله تعالى أو رسوله بسوء أن يكون له قتله لما روي أن أبا عبيدة بن الجراح قتل أباه حين سمعه يسب النبي (ص) وشرف وكرم، فلم ينكر النبي (ص) ذلك كذا في الفتح. قوله: (بمال منهم) ويصرف مصارف الخراج والجزية إن كان قبل النزول بساحتهم بل برسول أما إذا نزلنا بهم فهو غنيمة نخمسها ونقسم الباقي. نهر. قوله: (أو منا) أي بمال نعطيه لهم إن خاف الامام الهلاك على نفسه والمسلمين بأي طريق كان نهى. لقوله تعالى: * (وإن جنحوا للسلم) * (سورة الأنفال: الآية 16) أي ما لو قال في المصباح والسلم بالكسر والفتح: الصلح، يذكر ويؤنث، والآية مقيدة برؤية المصلحة إجماعا لقوله تعالى: * (ولا تهنوا (1) وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون) * (سورة محمد: الآية 53) أفاده في الفتح.