به: وجب، لأنه زاجر مشروع لحقه تعالى كالحد، وما علم أنه انزجر بدونه: لا يجب اه. فعلم أن قولهم: إن العفو فيه للإمام بمعنى تفويضه إلى رأيه، إن ظهر له المصلحة فيه أقامه، وإن ظهر عدمها أو علم انزجاره بدونه يتركه، وبه تندفع المخالفة، فافهم المخالفة، فافهم. قوله: (ولا يمين) عطف على قوله فلا عفو، وهذا أخذه في النهر من قولهم في الأول واليمين فقال: وهو ظاهر في أن ما كان منه حق الله تعالى لا يحلف فيه الخ؟ قوله: (كما لو ادعى عليه أنه قبل أخته) أي أي أخت نفسه. والذي في النهر: أجنبية، وهو المناسب، لأنها لو كانت أخت المدعي فالظاهر أنه يكون حق عبد لأنه يلحقه بذلك عار شديد يحمله على الغيرة لمحارمه كما لا يخفى، إلا أن يراد أخت المقبل. قوله (ويجوز إثباته الخ) عطف على قوله: " فلا عفو " فهو من التفريع أيضا على كونه حق الله تعالى. قوله (لو معه آخر) كذا في الفتح، ويأتي أنه يكفي فيه أخبار عدل واحد، وعليه فلو كان المدعى عدلا يكفي وحده. قوله: (وعيرها) كالخانية والكافي. (ذا مروءة) قال محمد رحمه الله: والمروءة عندي في الدين والصلاة حكما في الفتح وغيره. قوله (فتح) أقول: اختصر عبارة الفتح اختصارا مخلا تبع فيه النهير، فإنه في الفتح ذكر أولا أما وجب من التعزير حقا لله تعالى لا يجوز للإمام تركه.
ثم استشكل عليه ما في الخانية، وهو ما نقله الشارح عن القنية فقال: إنه يجب أن يكون في حقوق الله تعالى الخ: أي وإذا كان كذلك ناقض قوله أولا: إنه لا يجوز للإمام تركه. ثم أجاب عنه بأن ما ذكر عن القنية والخانية سواء حمل على أنه من حقوق الله تعالى أو من حقوق العباد لا يناقض ما مر، لأنه إذا كان المدعى عليه ذا مروءة فقد حصل تعزيزه بالجر إلى باب القاضي والدعوى، ويكون قوله: " ولا يعزر " معناه لا يعزر بالضرب في أو مرة، فإن عاد عزره بالضرب اه. ملخصا.
وبه تعلم أن الشارح اقتصر على محل الاستشكال المخالف لقوله أولا، فلا عفو فيه وترك المقصود من الجواب، فافهم.
أقول: ويظهر لي دفع المناقضة من وجه آخر، وهو أن ما وجب حقا لله تعالى لا يجوز للإمام تركه إلا إذا علم انزجار الفاعل كما مر. ولا يخفى أن الفاعل هذا كان ذا مروءة في الذين والصلاح يعلم من حاله الانزجار من أول الأمر، لأنما وقع منه لا يكون عادة إلا عن سهو وغفلة، ولذا لم يعزر في أول مرة ما لم يعد، بل يوعظ لتذكر إن كان ساهيا، وليتعلم إن كان جاهلا يدون حر إلى باب القاضي، ويؤيد هذا ما سيذكره الشارح آخر الباب من بناء على استثناء ذوي الهيئات من وجوب التعزير. قوله: (يفي أنه من باب الاخبار) أي فلا يحتاج إلى لفظ الشهادة ولا إلى مجلس القضاء، كما في كفالة النهر، فهذا يخالف ما مر من اشتراط الشهادة.
قلت: لكن غاية ما أفاده فرع الظهيرية أنه لا يأثم من أعلم السلطان به وظاهر إطلاقه أنه لا فرق بين كون السلطان عادلا أو جائرا يخشى منه قتله، لما مر أنه يباح قتل كل مؤذ: أي إذا لم ينزجر. ولا يخفى أنه ليس في هذا تعرض لثبوت تعزيره بمجرد الإخبار عند السلطان، فضلا عن