الحاوي القدسي قال أبو يوسف: أكثره في العبد تسعة وثلاثون سوطا، وفي الحر خمسة وسبعون سوطا، وبه نأخذ اه. فعلم أن الأصح قول أبي يوسف. بحر.
قلت: يحتمل أن قوله: وبه نأخذ ترجيح للرواية الثانية عن أبي يوسف على الرواية الأولى لكون الثانية هي ظاهر الرواية عنه، ولا يلزم من هذا ترجيح قوله: على قولهما الذي عليه متون المذهب مع نقل العلامة قاسم تصحيحه عن الأئمة، ولذا لم يعول الشارح على ما في البحر، وعن أبي يوسف أنه يقرب كل جنس إلى جنسه، فقرب اللمس والقبلة من حد الزنا، وقذف غير المحصن أو المحصن بغير الزنا من حد القذف صرفا لكل نوع إلى نوعه. وعنه أنه يعتبر على قدر عظم الجرم وصغره. زيلعي. قوله: (وأقله ثلاثة) أي أقل التعزير ثلاث جلدات وهكذا ذكره القدوري، فكأنه يرى أن ما دونها لا يقع به الزجر، وليس كذلك بل يختلف ذلك باختلاف الاشخاص، فلا معنى لتقديره مع حصول المقصود بدونه فيكون مفوضا إلى رأي القاضي، يقيمه بقدر ما يرى المصلحة فيه على ما بينا تفاصيله، وعليه مشايخنا رحمهم الله تعالى. زيلعي، ونحوه في الهداية. قال في الفتح: فلو رأى أنه ينزجر بسوط واحد اكتفى به، وبه صرح في الخلاصة.
ومقتضى الأول أنه يكمل له ثلاثة لأنه حيث وجب التعزير بالضرب، فأقل ما يلزم أقله، إذ ليس وراء الأقل شئ ثم يقتضي أنه لو رأى أنه إنما ينزجر بعشرين كانت أقل ما يجب فلا يجوز نقصه عنها، فلو رأى أنه لا ينزجر بأقل من تسعة وثلاثين صار أكثره أقل الواجب، وتبقى فائدة تقدير الأكثر بها أنه لو رأى أنه لا ينزجر إلا بأكثر منها يقتصر عليها، ويبدل ذلك الأكثر بنوع آخر وهو الحبس مثلا. قوله:
(لو بالضرب) يعني أن تقدير التعزير بما ذكر إنما هو فيما لو رأى القاضي تعزيره بالضرب فليس له الزيادة على الأكثر، فلا ينافي ما يأتي من أن التعزير ليس فيه تقدير، بل هو مفوض إلى رأي القاضي، لان المراد تفويض أنواعه من ضرب ونحوه، كما يأتي. قوله: (على أربع مراتب) تعزير أشراف الاشراف، وهم العلماء والعلوية بالأعلام، بأن يقول له القاضي بلغني أنك تفعل كذا فينزجر به. وتعزير الاشراف، وهم نحو الدهاقين بالأعلام والجر إلى باب القاضي والخصومة في ذلك.
وتعزير الأوساط، وهم السوقة بالجر والحبس. وتعزير الأخساء بهذا كله وبالضرب اه.. ومثله في الفتح عن الشافي والزيلعي عن النهاية، ويأتي الكلام عليه. والدهاقين: جمع دهقان بكسر الدال وقد نضم وهو معرب يطلق على رئيس القرية، والتاجر ومن له مال وعقار. مصباح. قوله: (وكله مبني الخ) أي كل ما ذكر من المراتب الأربعة، ولا يصح أن يرجع إلى ما في المتن أيضا، لان ما ذكر فيه من التقدير لا فرق فيه بين القول بالتفويض وعدمه كما علمت، فافهم.
ثم إن ما ذكره من أنه مخالف للقول بالتفويض هو ما فهمه في البحر حيث قال: وظاهره أنه ليس مفوضا إلى رأي القاضي، وأنه ليس له التعزير بغير المناسب لمستحقه، وظاهر الأول: أي القول بالتفويض: أن له ذلك اه.
قلت: وفيه كلام نذكره قريبا. قوله: (فإن من كان الخ) سنذكر ما يؤيده قريبا. قوله: (ولا يفرق الضرب فيه) بل يضرب في موضع واحد لأنه جرى فيه التخفيف من حيث العدد، فلو خفف