قولهما: إن التقادم يبطل الاقرار وإنه مقدر بزوال الرائحة. قوله: (فيعمل الرجوع فيه) لاحتمال صدقه وأنه كاذب في إقراره. وإذا أقر وهو سكران يزيد احتمال الكذب فيدرأ عنه الحد أيضا. قوله:
(ثم ثبوته الخ) هذا بيان لدليلهما على اشتراط قيام الرائحة وقت الاقرار، فعند عدم قيامها ينتفي الحد لعدم ما يدل عليه، لان الاجماع لم يكمل إلا بقول من اشترط قيامها، لكن قدمنا تصحيح قول محمد بعدم الاشتراط وبيانه في الفتح. قوله: (والسكران الخ) بالحقيقة السكر الذي هو شرط لوجوب الحد في الشرب ما سوى الخمر من الأشربة.
ولمكان السكر متفاوتا اشترط الامام أقصاه درءا للحد، وذلك بأن لا يميز بين شئ وشئ، لان ما دون ذلك لا يعري عن شبهة الصحو، نعم وافقهما الامام في حق حرمة القدر المسكر من الأشربة المباحة فاعتبر فيها اختلاط الكلام، وهذا معنى قوله في الهداية: والمعتبر في القدر المسكر في حق الحرمة ما قالاه إجماعا أخذا بالاحتياط اه. وذكر في الفتح أنه ينبغي أن يكون قوله كقولهما أيضا في السكر الذي لا يصح معه الاقرار بالحدود، لأنه يكون أدرأ للحدود، وكذا في الذي لا تصح معه الردة، إذ لو اعتبر فيه أقصاه لزم أن تصح ردته فيما دونه مع أنه يجب أن يحتاط في عدم تكفير المسلم، والامام إنما اعتبر أقصى السكر للاحتياط في درء حد السكر، واعتبار الأقصى هنا خلاف الاحتياط. هذا حاصل ما في الفتح.
قلت: لكن ينبغي أن تصح ردته فيما دون الأقصى بالنسبة إلى فسخ النكاح لان فيه حق العبد، وفيه العمل بالاحتياط أيضا كما لا يخفى. قوله: (ولو ارتد السكران لم يصح) أي لم يصح ارتداده:
أي لم يحكم به. قال في الفتح: لان الكفر من باب الاعتقاد أو الاستخفاف، ولا اعتقاد للسكران ولا استخفاف لأنهما فرع قيام الادراك. وهذا في حق الحكم، أما فيما بينه وبين الله تعالى، فإن كان في الواقع قصد أن يتكلم به ذاكرا لمعناه كفر، وإلا لا اه. وقد علمت آنفا ما المراد بالسكر هنا. قوله:
(فلا تحرم عرسه) أي بسبب الردة في حالة السكر، أما لو طلقها فإنه يقع كما يأتي بيانه. قوله: (وهذه الخ) يعني أن حكم السكران من محرم كالصاحي، إلا في سبع: لا تصح ردته ولا إقراره بالحدود الخالصة، ولا إشهاده على شهادة نفسه، ولا تزويجه الصغير بأكثر من مهر المثل أو الصغيرة بأقل، ولا تطليقه زوجة من وكله بتطليقها حين صحوه، ولا بيعه متاع من وكله بالبيع صاحيا، ولا رد الغاصب عليه ما غصب منه قبل سكره، هذا حاصل ما في الأشباه. ونازعه محشيه الحموي في الأخيرة بأن المنقول في العمادية أن حكم السكران فيها كالصاحي، فيبرأ الغاصب من الضمان بالرد عليه، وفي مسألة الوكالة بالتطليق بأن الصحيح الوقوع نص عليه في الخانية والبحر اه. وقدمناه أول كتاب الطلاق، وكتبنا هناك عن التحرير أن السكران إن كان سكره بطريق محرم لا يبطل تكليفه، فتلزمه الاحكام، وتصح عباراته من الطلاق والعتاق والبيع والاقرار، وتزويج الصغار من كف ء