دونه في الحرة الكبيرة المتسترة، وذكره في البحر بحثا غير معزي. ونقل أيضا عن شرح جمع الجوامع أن القذف في الخلو صغيرة عند الشافعية، قال: وقواعدنا لا تأباه لان العلة فيه لحوق العار، وهو مفقود في الخلوة.
واعترضه في النهر بأنه في الفتح استدل للاجماع بآية: * (والذين يرمون المحصنات) * (سورة النور: الآية 4) وبحديث: اجتنبوا السبع الموبقات وعد منها قذف المحصنات، أي وهذا صادق على قذف المحصنة في الخلوة بحيث لم يسمعه أحد.
واعترضه أيضا الباقاني في شرح الملتقى بأن المذكور في شرح جمع الجوامع عن ابن عبد السلام أنه ليس بكبيرة موجبة للحد لانتفاء المفسدة. وقال محشيه اللقاني: إن المحقق من هذه العبارة نفي إيجاب الحد لا نفي كونه كبيرة أيضا لتوجه النفي على القيد. وقال الزركشي أيضا: إن هذا ظاهر فيما إذا كان صادقا دون الكاذب لجراءته على الله تعالى: أي فهو كبيرة وإن كان في الخلوة.
وقال الشارح في شرح الملتقى: قلت الذي حررته في شرح منظومة والد شيخنا تبعا لشيخنا النجم الغزي الشافعي: إنه من الكبائر وإن كان صادقا ولا شهود له عليه، ولو من الوالد لولده أو لولد لولده إن لم يحد به يعزر ولو غير محصن، وشرط الفقهاء الاحصان إنما هو لوجوب الحد لا لكونه كبيرة. وقد روى الطبراني عن واثلة عن النبي (ص) أنه قال: من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار.
ثم من المعلوم ضرورة أن قذف أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها كفر سواء كان سرا أو جهرا، وكذا القول في مريم، وكذا الرمي باللواطة اه: أي إنه من الكبائر أيضا، وسيأتي بيان حكمه في باب التعزير. قوله: (كمية) أي قدرا وهو ثمانون سوطا إن كان حرا ونصفها إن كان القاذف عبدا. بحر. قوله: (فيثبت برجلين) بيان لقوله: وثبوتا وأشار إلى أنه لا مدخل فيه لشهادة النساء كما مر، وكذا الشهادة على الشهادة وكتاب القاضي إلى القاضي. ويثبت أيضا: بإقرار القاذف مرة كما في البحر، ولا يستحلف على ذلك، ولا يمين في شئ من الحدود إلا أنه يستحلف في السرقة لأجل المال، فإن أبى ضمن المال ولم يقطع. وإذا اختلف الشاهدان في الزمان لم تبطل شهادتهما عنده كما في الاقرار بالمال أو بالطلاق أو العتاق، وعندهما لا يحد القاذف وإن شهد أحدهما بالقذف والآخر على الاقرار به لم يحد اتفاقا استحسانا، وكذا تبطل لو اختلفا في اللغة التي قذف بها أو شهد أحدهما أنه قال يا ابن الزانية والآخر أنه قال لست لأبيك اه. ملخصا من كافي الحاكم. قوله: (عن ماهيته) أي حقيقته الشرعية المارة. قوله: (وكيفيته) أي اللفظ الذي قذف به اه ح.
قلت: فيه أن هذا اللفظ ركن القذف، والكيفية الحالة والهيئة، كما يقال: كيف زيد؟ فتقول صحيح أو سقيم، وقد مر تفسير السؤال عن الكيفية في الشهادة على الزنا بالطوع أو الاكراه.
فالظاهر أن يقال هنا كذلك، إذ لو أكره القاذف على القذف لم يحد، لكن ظاهر ما في الكافي أن السؤال عن هذا غير لازم حيث قال: وإن جاء المقذوف بشاهدين فشهدا أنه قذفه سئلا عن ماهيته وكيفيته، فإن لم يزيدا على ذلك لم تقبل، فإن القذف يكون بالحجارة ويغير الزنا، وإن قالا نشهد