الفطر، وإن كان في أمنة فناسب أن يقرأ نحو سورة البروج والانشقاق مما هو من طوال المفصل وإن لم يبلغ المقدار الخاص، وهذا معنى قول الهداية: لامكان مراعاة السنة مع التخفيف: أي التخفيف بعدم اعتبار العدد الخاص بعد حصول سنة القراءة من طوال المفصل: فليس مراده التحديد بعدد آيات السورتين، بل كونهما من طوال المفصل، أي وسنية القراءة في الفجر من طوال المفصل مسلمة لا تحتاج إلى دليل، ثم إن ما في الهداية قد أقره عليه شراحها والزيلعي وغيره، وذلك دليل على تقييد إطلاق ما في المتون والجامع ا ه.
أقول: هذا إنما يتم إذا كان قول الهداية يقرأ في الفجر نحو سورة البروج وانشقت، معناه أنه يقرأ في الركعتين واحدة منهما لا كلا منهما، وإلا لم يحصل تخفيف من حيث العدد، لان الانشقاق خمس وعشرون آية والبروج اثنان وعشرون، ويؤيد ذلك قول المنية: يقرأ سورة البروج أو مثلها، فإنه ظاهر في أن المراد قراءة سورة البروج في الركعتين لكن في كون سورة البروج من طوال المفصل كلام ستعرفه، فلذا حمل التخفيف في شرح المنية على جعل الأوسط في الحضر طويلا في السفر، ومثله قول صاحب المجمع في شرحه: فيقرأ بأوساط المفصل رعاية للسنة مع التخفيف، وعليه مشى في الشرنبلانية، لكن هذا الحمل لا يناسب ما في الهداية، لان الانشقاق من طوال المفصل.
وقد يقال: إن التخفيف من جهة الاكتفاء بسورة واحدة من المفصل في الركعتين كما اقتضاه ظاهر كلام المنية المذكور، لان السنة في الحضر في كل ركعة سورة تامة كما يأتي. تأمل. قوله:
(وجوبا) أشار به إلى دفع ما أورده في النهر، بأنه لو قال بعد الفاتحة أي سورة شاء لكان أولى، يوهم أن قراءة الفاتحة سنة فصرح بقوله وجوبا لدفع التوهم المذكور، لان المعنى أن سنة القراءة في السفر أي سورة شاء مضمومة إلى الفاتحة الواجبة، فالمقصود بيان التخيير في السور بعد الفاتحة، وإلا ورد أن السورة واجبة أيضا. قوله: (وفي الضرورة بقدر الحال) أي سواء كان في الحضر أو السفر، وإطلاقه يشمل الفاتحة وغيرها، لكن في الكافي: فإن كان في السفر في حالة الضرورة بأن كان على عجلة من السير أو خائفا من عدو أو لص يقرأ الفاتحة وأي سورة شاء، وفي الحضر في حالة الضرورة بأن خاف فوت الوقت يقرأ مالا يفوته الوقت ا ه.
ولقائل أن يقول: لا يختص التخفيف للضرورة بالسورة فقط، بل كذلك الفاتحة، كما إذا اشتد خوفه من عدو فقرأ آية مثلا، ولا يكون مسيئا كذا في الشرنبلانية.
أقول: وقول الكافي: بقدر ما لا يفوته الوقت، يشمل الفاتحة: فله أن يقرأ في كل ركعة بآية إن خاف فوت الوقت بالزيادة. وهل هو في كل صلاة أو خاص بالفجر؟ فيه خلاف حكاه في القنية.
وقال في آخر شرح المنية: وقيل يراعى سنة القراءة في غير الفجر وإن خرج الوقت. والأظهر أن يراعى قدر الواجب في غيرها، لان الاخلال به مفسد عند بعض الأئمة بخلاف خروج الوقت ا ه:
أي فإنه في غير الفجر غير مفسد اتفاقا، ثم ذكر أن له الاقتصار على الفاتحة وتسبيحة واحدة وترك الثناء والتعوذ في سنة الفجر أو الظهر لو خاف فوت الجماعة، لأنه إذا جاز ترك السنة لادراك الجماعة فترك سنة السنة أولى ا ه. قوله: (ذكره الحلبي) ونقله الزاهدي في القنية عن المجرد بقوله:
قال أبو حنيفة: والذي يصلي وحده بمنزلة الامام في جميع ما وصفنا من القراءة سوى الجهر. قال