وبيان ذلك أن القراءة وإن انقسمت إلى فرض وواجب وسنة إلا أنه مهما أطال يقع فرضا، وكذا إذا أطال الركوع والسجود على ما هو قول الأكثر والأصح، لان قوله تعالى: * (فاقرؤوا ما تيسر) * (المزمل: 02) لوجوب أحد الامرين الآية، فما فوقها مطلقا، لصدق ما تيسر على كل فرض، فمهما قرأ يكون الفرض، ومعنى الأقسام المذكورة أن جعل الفرض مقدار كذا واجب، وجعله دون ذلك مكروه، وجعله فوق ذلك إلى حد كذا سنة، لا أنه يقع أول آية يقرؤها فرضا وما بعدها إلى حد كذا واجبا، وما بعد ذلك إلى حد كذا سنة،، لأنا إن اعتبرنا الواجب ما بعد الآية الأولى منضما إليها انقلب الفرض واجبا. وإن اعتبرناه منفردا كان الواجب بعض الفاتحة. وقالوا: الفاتحة واجب، وكذا الكلام فيما بعد الواجب إلى حد السنة، فليتأمل، كذ في شرح المنية من باب سجود السهو، ونحوه في الفتح، وهو تحقيق دقيق فاغتنمه. قوله: (للزوم تكرارها) أي وهو غير مشروع، وهذا لو قرأها مرتين، فلو مرة لا تكون قضاء كما في النهاية لأنها في محلها، لكن كتب على ما في النهاية شيخ الاسلام المفتي أبو السعود.
قلت: لا يخفى أن قراءة الفاتحة في الشفع الثاني ليست بواجبة، بل ذلك على وجه الدعاء في ظاهر الرواية وإن كانت واجبة على رواية الحسن بن زياد، فعلى هذا إذا قرأ الفاتحة مرة لم يتعين انصرافها إلى تلك الركعة - وأنت خبير بأن بناء ظاهر الرواية: - أي الذي هو عدم إعادة الفاتحة في مسألتنا على رواية الحسن غير حسن ا ه: أي بخلاف السورة، فإن الشفع ليس بمحل لأداء السورة، فجاز أن يكون محلا للقضاء، وتمامه في شرح الشيخ إسماعيل. قوله: (ولو تذكرها) أي الفاتحة.
قوله: (قبل الركوع) الظاهر أنه ليس بقيد، حتى لو تذكرها في الركوع فكذلك لأنه قدم أنه لو تذكر السورة في الركوع أعادها وأعاد الركوع، فالفاتحة أولى لأنها آكد. رحمتي. قوله: (وأعاد السورة) لأنها شرعت تابعة للفاتحة. رحمتي. قوله: (على المذهب) أي الذي هو ظاهر الرواية عن الامام، وفي رواية عنه: ما يطلق عليه اسم القرآن ولم يشبه قصد خطاب أحد. وجزم القدوري بأنه الصحيح من مذهب الامام، ورجحه الزيلعي بأنه أقرب إلى القواعد الشرعية، لأن المطلق ينصرف إلى الأدنى.
وفي البحر: فيه نظر، بل ينصرف إلى الكامل.
قلت: وهو مدفوع بأن براءة الذمة لا تتوقف على الكامل، وإلا لزم فرضية الطمأنينة في الركوع والسجود. قال في شرح المنية: وعلى هذه الرواية لا يجزئ عنده نحو * (ثم نظر) * أي لأنه يشبه قصد الخطاب والاخبار. تأمل. وفي رواية ثالثة عنه وهي قولهما: ثلاث آيات قصار أو آية طويلة. قوله: (وعرفا طائفة من القرآن مترجمة إلخ) أي اعتبر لها مبدأ ومقطع، وهذا التعريف نقله في الحلية عن حاشية الكشاف لعلاء الدين البهلواني. ونقل في النهر عن شرح الشاطبية للجعبري ما يرجع إليه، وهو أنها قرآن مركب من جمل ولو تقديرا ذو مبدأ ومقطع مندرج في سورة. قوله، (ولو تقديرا إلخ) أشار إلى الرد على البحر، حيث اعترض التعريف المذكور بأن - * (لم يلد) * (الاخلاص: 3) - آية، ولذا جوز الامام بها الصلاة، وهي خمسة أحرف. ووجه الرد أن - * (لم يلد) * - أصله لم يولد فهو ستة تقديرا، لكن الذي رأيته في الحلية والبحر عن الحواشي المذكورة أقلها ستة أحرف صورة،