للامام التنفل في مكانه) بل يتحول مخيرا كما يأتي عن المنية، وكذا يكره مكثه قاعدا في مكانه مستقبل القبلة في صلاة لا تطوع بعدها كما في شرح المنية عن الخلاصة، والكراهة تنزيهية كما دلت عليه عبارة الخانية. قوله: (لا للمؤتم) ومثله المنفرد، لما في النية وشرحها: أما المقتدي والمنفرد فإنهما إن لبثا أو قاما إلى التطوع في مكانهما الذي صليا فيه المكتوبة جاز، والأحسن أن يتطوعا في مكان آخر ا ه. قوله: (وقيل يستحب كسر الصفوف) ليزول الاشتباه عن الداخل المعاين للكل في الصلاة البعيد عن الامام، وذكره في البدائع والذخيرة عن محمد، ونص في المحيط على أنه السنة كما في الحلية، وهذا معنى قوله في المنية: والأحسن أن يتطوعا في مكان آخر. قال في الحلية:
وأحسن من ذلك كله أن يتطوع في منزله إن لم يخف مانعا. قوله: (لتنفل أو ورد) أقول: عبارته في الخزائن: قلت يحتمل أنه لأجل التنفل أو الورد ا ه. فدل على أن ذلك ليس من كلام الخانية.
والذي رأيته في الخانية صريح في أنه للتنفل. قوله: (وخيره الخ) الضمير المنصوب للامام، لكن التخيير الذي في المنية هو أنه إن كان في صلاة لا تطوع بعدها، فإن شاء انحرف عن يمينه أو يساره أو ذهب إلى حوائجه استقبل الناس بوجهه، وإن كان بعدها تطوع وقام يصليه يتقدم أو يتأخر أو ينحر ف يمينا أو شمالا أو يذهب إلى بيته فيتطوع ثمة ا ه. وهذا التخيير لا يخالف ما مر عن الخانية، لأنه لبيان الجواز وذاك لبيان الأفضل، ولذا علله في الخانية وغيرها بأن لليمين فضلا عن اليسار، لكن هذا لا يخص يمين القبلة بل يقال مثله في يمين المصلي، بل في شرح المنية أن انحرافه عن يمينه أولى، وأيده بحديث في صحيح مسلم، وصحح في البدائع التسوية بينهما وقال لان المقصود من الانحراف وهو زوال الاشتباه: أي اشتباه أنه في الصلاة يحصل بكل منهما، وقدمنا عن الحلية أن الأحسن من ذلك كله تطوعه في منزله، لما في سنن أبي داود بإسناد صحيح صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا، إلا المكتوبة قلت وإلا التراويح كما سيأتي في باب الوتر والنوافل مع زيادات أخر. ثم إذا شاء الذهاب انصرف من جهة يمينه أو يساره، فقد صح الأمران عنه (ص) وعليه العمل عند أهل العلم كما قاله الترمذي. وذكر النووي أنه عند استواء الجهتين في الحاجة وعدمها، فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل اليمين في باب المكارم ونحوها كما في الحلية. قوله: (ولو دون عشرة) أي أن الاستقبال مطلق لا تفصيل فيه بين عدد وعدد على ما ذكره في الخلاصة وغيرها. ولا يلتفت إلى ما ذكره بعض شراح المقدمة من أن الجماعة إن كانوا عشرة يلتفت إليهم، لترجح حرمتهم على حرمة القبلة، وإلا فلا ترجح حرمة القبلة على الجماعة، فإن هذا الذي ذكره لا أصل له في الفقه، وهو رجل مجهول لا تشبه ألفاظه ألفاظ أهل الفقه، فضلا عن أن يقلد فيما ليس له أصل. والذي رواه موضوع كذب على النبي (ص)، بل حرمة المسلم الواحد أرجح من حرمة القبلة، غير أن الواحد لا يكون خلف الامام حتى يلتفت إليه، بل هو عن يمينه، فلو كانا اثنين كانا خلفه، فليلتفت إليهما للاطلاق المذكور ا ه، ونازعه في الامداد بأنه ذكر ذلك في مجمع الروايات شرح القدوري عن حاشية البدرية عن أبي حنيفة، فليتأمل.
قوله: (ولو بعيدا على المذهب) صرح به في الذخيرة أخذا من إطلاق محمد في الأصل قوله: