قوله: (قلت الخ) قد علمت أنه لو فرض شخص مستقبلا من بلده لعين الكعبة حقيقة، بأن يفرض الخط الخارج من جبينه واقعا على عين الكعبة فهذا مسامت لها تحقيقا، ولو أنه انتقل إلى جهة يمينه أو شماله بفراسخ كثيرة وفرضنا خطا مارا على الكعبة من المشرق إلى المغرب وكان الخط الخارج من جبين المصلي يصل على استقامة إلى هذا الخط المار على الكعبة فإنه بهذا الانتقال لا تزول المقابلة بالكلية، لان وجه الانسان مقوس، فمهما تأخر يمينا أو يسارا عن عين الكعبة يبقى شئ من جوانب وجهه مقابلا لها، ولا شك أن هذا عند زيادة البعد، أما عند القرب فلا يعتبر كما مر، فقول الشارح هذا معنى التيامن والتياسر أي إن ما ذكره من قوله: بأنه يبقى شئ من سطح الوجه الخ مع فرض الخط على الوجه الذي قررناه هو المراد بما في الدرر عن الظهيرية من التيامن والتياسر: أي ليس المراد منه أن يجعل الكعبة عن يمينه أو يساره، إذ لا شك حينئذ في خروجه عن الجهة بالكلية، بل المفهوم مما قدمناه عن المعراج والدرر من التقييد بحصول زاويتين قائمتين عند انتقال المستقبل لعين الكعبة يمينا أيسارا أنه لا يصح أو كانت إحداهما حادة والأخرى منفرجة بهذه الصورة.
والحاصل أن المراد بالتيامن والتياسر الانتقال عن عين الكعبة إلى جهة اليمين أو اليسار لا الانحراف لكن وقع في كلامهم ما يدل على أن الانحراف لا يضر، ففي القهستاني: ولا بأس بالانحراف انحرافا لا تزول به المقابلة بالكلية، بأن يبقى شئ من سطح الوجه مسامتا للكعبة ا ه.
وقال في شرح زاد الفقير: وفي بعض الكتب المعتمدة في استقبال القبلة إلى الجهة أقاويل كثيرة، وأقربها إلى الصواب قولان: الأول أن ينظر من مغرب الصيف في أو طل أيامه ومغرب الشتاء في أقصر أيامه فليدع الثلثين في الجانب الأيمن والثلث في الأيسر والقبلة عند ذلك، ولو لم يفعل هكذا وصلى فيما بين المغربين يجوز، وإذا وقع خارجا منها لا يجوز بالاتفاق ا ه ملخصا.
وفي منية المصلي عن أمالي الفتاوى: حد القبلة في بلادنا: يعني سمرقند: ما بين المغربين مغرب الشتاء ومغرب الصيف، فإنه صلى إلى جهة خرجت من المغربين فسدت صلاته ا ه. وسيأتي في المتن في مفسدات الصلاة أنها تفسد بتحويل صدره عن القبلة بغير عذر، فعلم أن الانحراف اليسير لا يضر، وهو الذي يبقى معه الوجه أو شئ من جوانبه مسامتا لعين الكعبة أو لهوائها، بأن يخرج الخط من الوجه أو من بعض جوانبه ويمر على الكعبة أو هوائها مستقيما، ولا يلزم أن يكون الخط الخارج على استقامة خارجا من جهة المصلى، بل منها أو من جوانبها كما دل عليه قول الدرر من جبين المصلي، فإن الجبين طرف الجبهة وهما جبينان، وعلى ما قررناه يحمل ما في الفتح والبحر عن الفتاوى من أن الانحراف المفسد أن يجاوز المشارق، إلى المغارب ا ه. فهذا غاية ما ظهر لي في هذا المحل، والله تعالى أعلم. قوله: (فتبصر) أشار إلى دقة ملحظه الذي قررناه وإلى عدم الاستعجال بالاعتراض ومع هذا نسبوه إلى عدم الفهم، فافهم. قوله: (محاريب الصحابة والتابعين) فلا يجوز التحري معها. زيلعي. بل علينا اتباعهم. خانية. ولا يعتمد على قول الفلكي العالم البصير