عمرو لا يصح الاقتداء، لان العبرة لما نوى. حلية: أي وهو قد نوى الاقتداء بغير هذا الامام الحاضر. قوله: (إلا إذا عرفه) استثناء من عدم الصحة التي تضمنها الاستثناء الأول. قوله: (كالقائم في المحراب) أي نوى الاقتداء بالامام القائم في المحراب الذي هو زيد فإذا هو غيره جاز. أشباه، لان أل يشار بها إلى الموجود في الخارج أو الذهن، وعلى كل فقد نوى الاقتداء بالامام الموجود فلغت التسمية. قوله: (أو إشارة) أي باسمها الموضوع لها حقيقة، وإنما جاز لأنه عرفه بالإشارة فلغت التسمية كما في الخانية وغيرها. قوله: (إلا إذا أشار الخ) استثناء من قوله: أو إشارة.
قوله: (فلا يصح) أو رد عليه أن في هذه الصورة اجتمعت الإشارة مع التسمية، فكان ينبغي أن تلغو التسمية كما لغت في هذا الامام الذي هو زيد وفي هذا الشيخ. والجواب أن إلغاء التسمية ليس مطلقا، قال في الهداية من باب المهر: الأصل أن المسمى إذا كان من جنس المشار إليه يتعلق العقد بالمشار إليه، لان المسمى موجود في المشار ذاتا، والوصف يتبعه وإن كان من خلاف جنسه يتعلق بالمسمى، لان المسمى مثل المشار إليه، وليس بتابع له، والتسمية أبلغ في التعريف من حيث إنها تعرف الماهية والإشارة تعرف الذات ا ه (1). قال الشارحون: هذا الأصل متفق عليه في النكاح والبيع والإجارة وسائر العقود ا ه.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن زيدا وعمرا جنس واحد من حيث الذات وإن اختلفا من حيث الأوصاف والمشخصات لان الملحوظ إليه في العلم هو الذات، ففي قوله: هذا الامام الذي هو زيد فظهر أن المشار إليه عمرو يكون قد اختلف المسمى والمشار إليه، فلغت التسمية وبقيت الإشارة معتبرة لكونهما من جنس واحد، فصح الاقتداء، وأما الشيخ والشاب فهما من الأوصاف الملحوظ فيها الصفات دون الذات، ومعلوم أن صفة الشيخوخة تباني صفة الشباب فكانا جنسين، فإذا قال هذا الشاب فظهر أنه شيخ لا يصح الاقتداء لأنه وصفه بصفة خاصة لا يوصف بها من بلغ سن الشيخوخة، فقد خالفت الإشارة التسمية مع اختلاف الجنس، فلغت الإشارة واعتبرت التسمية بالشاب، فيكون قد اقتدى، بغير موجود، كمن اقتدى بزيد فبان غيره. وأما إذا قال هذا الشيخ فظهر أنه شاب فإنه يصح، لان الشيخ صفة مشتركة في الاستعمال بين الكبير وفي السن الكبير في القدر كالعالم وبالنظر إلى المعنى الثاني يصح أن يسمى الشاب شيخا، فقد اجتمعت الصفتان في المشار إليه لعدم تخالفهما فلم يبلغ أحدهما فيصح الاقتداء. ونظيره لو قال: هذه الكلبة طالق أو هذا الحمار حر، تطلق المرأة ويعتق العبد كما صرحوا بمع أن المشار إليه وهو المرأة والعبد من غير جنس المسمى وهو الكلبة والحمار، لكن لما كان في مقام الشتم يطلق الكلب والحمار على الانسان مجازا لم يحصل اختلاف الجنس فلم تلغ الإشارة، هذا ما ظهر لفهمي السقيم من فيض الفتاح العليم، قوله: (وفي المجتبى الخ) وجهه أنه لما نوى الاقتداء بإمام مذهبه فإذا هو غيره فقد نوى الاقتداء بمعدوم كما قدمناه عن المنية فيما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو غيره.
مطلب: ما زيد في المسجد النبوي هل يأخذ حكمه؟