تحريه اقتضت اعتقاد فساد صلاته فصار كما لو صلى. وعنده أنه محدث أو أن ثوبه نجس أو أن الوقت لم يدخل فبان بخلاف ذلك لا يجزيه في ذلك كله، لان عنده أن ما فعله غير جائز، بخلاف صورة عدم التحري فإنه لم يعتقد الفساد، بل هو شاك فيه وفي عدمه، فإذا ظهرت إصابته بعد التمام أزال أحد الاحتمالين وتقرر الآخر بلا لوم بناء القوي على الضعيف، بخلاف ما إذا علم الإصابة قبل التمام كما في شرح المنية. قوله: (أو ثوبه) بالنصب عطفا على اسم إن ومثله الوقت ح. قوله:
(فلو لم تشتبه الخ) ذكره هنا استطرادا، وكان ينبغي ذكره عند قول المصنف وإن شرع بلا تحر لأنه مفروض فيما إذا اشتبهت عليه القبلة كما قدمناه، فيكون قوله: فلو لم تشتبه بيانا لمفهومه.
ثم إن مسائل التحري تنقسم باعتبار القسمة العقلية إلى عشرين قسما، لأنه إما أن لا يشك ولا يتحرى، أو شك وتحرى، أو لم يتحر، أو تحرى بلا شك. وكل وجه على خمسة، لأنه إما أن يظهر صوابه أو خطؤه في الصلاة أو خارجها أو لا يظهر، أما الأول فإن ظهر خطؤه فسدت مطلقا، أو صوابه قبل الفراغ قيل هو كذلك لأنه قوي حاله، والأصح لا، ولو بعده أو لم يظهر أو كان أكبر رأيه الإصابة فكذلك لا تفسد. وحكم الثاني الصحة في الوجوه كلها. وحكم الثالث الفساد في الوجوه كلها، أو لو أكبر رأيه أنه أصاب على الأصح إلا إذا علم يقينا بالإصابة بعد الفراغ. والرابع لا وجود له خارجا، كذا في النهر. وقد ذكر المصنف الثاني بقوله: ويتحرى عاجز والثالث بقوله:
وإن شعر بلا تحر وذكر الشارح الأول بقوله: فلو لم تشتبه الخ لكن كان عليه أن يقول: إن ظهر خطؤه فسدت وإلا فلا، وقد حذف الرابع لعدم وجوده، هذا هو الصواب في تقرير هذا المحل، فافهم. قوله: (مع إمام) أما لو صلوا منفردين صحت صلاة الكل، ولا يتأتى فيه التفصيل. قوله:
(فمن تيقن منهم) التيقن غير قيد، بل غلبة الظن كافية، يدل عليه ما في الفيض حيث قال: وإن صلوا بجماعة تجزيهم إلا صلاة من تقدم على إمامه أو علم بمخالفة إمامه في صلاته، وكذا لو كان عنده أنه تقدم على الامام أو صلى إلى جانب آخر غير ما صلى إليه إمامه ا ه. قوله: (حالة الأداء) ظرف لقوله: تيقن مخالفة إمامه في الجهة مع قطعا لنظر عن قوله: أو تقدمه عليه لأنه إذا تقدم على إمامه لم يجز سواء علم بذلك حالة الأداء أو بعده، بخلاف مخالفته لامامه في الجهة فإنه لا يضر إلا إذا علم بها حالة الأداء كما دلت عليه عبارة الفيض التي ذكرناها آنفا، ومثلها قوله في الملتقى:
جازت صلاة من لم يتقدمه، بخلاف من تقدمه أو علم حاله وخالفه ا ه. وفي متن الغرر: إن لم يعلم مخالفة إمامه ولم يتقدمه جاز، وإلا فلا. قوله: (لاعتقاده الخ) نشر مرتب ح. قوله: (كما لو لم يتعين الامام الخ) تبع في ذلك النهر عن المعراج. ونص عبارة المعراج: وقال بعض أصحابه: أي الشافعي: عليهم الإعادة، لان فعل الامام في اعتقادهم متردد بين الخطأ والصواب، ولو لم يتعين الامام بأن رأى رجلين يصليان فنوى الاقتداء بواحد لا بعينه لا يجوز، فكذا إذا لم يتعين فعل الامام ا ه. وبه ظهر أن المناسب حذف هذه المسألة بالكلية، إذ لا مدخل لها هنا إلا على قول