والحاصل أن الإقامة تخالف الاذان في الأربعة مما مر، وتخالفه أيضا في مواضع ستأتي مفرقة قوله: (لكن هي أفضل منه) نقله في البحر عن الخلاصة بلا ذكر خلاف. وذكر في الفتح أيضا أنه صرح ظهير الدين في الحواشي نقلا عن المبسوط بأنها آكد من الاذان: أي لأنه يسقط في مواضع دون الإقامة كما في حق المسافر وما بعد أولى الفوائت وثانية الصلاتين بعرفة، وقوله: وكذا الإمامة، علله في الفتح بقوله: لمواظبته (ص) وكذا الخلفا الراشدون، وقول عمر: لولا الخليفي لأذنت، لا يستلزم تفضيله عليها، بل مراده لأذنت مع الإمامة لا مع تركها، فيفيد أن الأفضل كون الامام هو المؤذن، وهذا مذهبنا وعليه كان أبو حنيفة ا ه.
أقول: وهو أحد قولين مصححين عند الشافعية، والثاني أن الاذان أفضل، وبقي قول بتساويهما، وقد حكى الثلاثة في السراج، ثم إن ما استدل به على أفضلية الإمامة على الاذان يدل على أفضليتها أيضا على الإقامة، لان السنة أن يقيم المؤذن، فافهم.
تنبيه: مقتضى أفضلية الإقامة على الاذان كونها واجبة عند من يقول بوجوبه، ولم أر من صرح به، إلا أن يقال: إن القول بوجوبه لما أنه من الشعائر بخلافها، على أن السنة قد تفضل الواجب كما مر أول كتاب الطهارة فتأمل. ثم رأيت صاحب البدائع عد من واجبات الصلاة الأذان والإقامة.
قوله: (المقيم) أي الذي يقيم الصلاة. قوله: (لم يعدها في الأصح) بخلاف ما لو حدر في الاذان حيث تندب إعادته كما مر، لان تكرار الاذان مشروع: أي كما في يوم الجمعة، بخلاف الإقامة.
وعليه فما في الخانية من أنه يعيد الإقامة مبني على خلاف الأصح، وتمامه في النهر. قوله:
(مرتين) راجع إلى: قد قامت، وإلى الفلاح ط. قوله: (وعند الثلاثة هي فرادى) أي الإقامة، والأولى ذكره عند قوله: وهي كالاذان ح. ودليل الأئمة الثلاثة ما رواه البخاري أمر بلال أن يشفع الاذان ويوتر الإقامة وهو محمول عندنا على إيتار صوتها بأن يحدر فيها توفيقا بينه وبين النصوص الغير المحتملة. وقد قال الطحاوي: تواترت الآثار عن بلال أنه كان يثني الإقامة حتى مات، وتمامه في البحر وغيره. قوله: (غير الراكب) عبارة الامداد: إلا أن يكون راكبا مسافرا لضرورة السير، لان بلالا أذن وهو راكب ثم نزل وأقام على الأرض. ويكره الاذان راكبا في الحضر في ظاهر الرواية. وعن أبي يوسف: لا بأس به كما في البدائع ا ه. قوله: (بهما) أي بالأذان والإقامة، لكن مع الالتفات بصلاة وفلاح كما مر. قوله: (تنزيها) لقول المحيط: الأحسن أن يستقبل. بحر ونهر. قوله: (أعاد ما قدم فقط) كما لو قدم الفلاح على الصلاة يعيده فقط: أي ولا يستأنف الاذان من أوله. قوله: (ولو رد سلام) أو تشميت عاطس أو نحوهما لا في نفسه، ولا بعد الفراغ على الصحيح. سراج وغيره. قال في النهر: ومنه التنحنح إلا لتحسين صوته. قوله: (استأنفه) إلا إذا كان الكلام يسيرا. خانية. قوله: (ويثوب) التثويب: العود إلى الاعلام بعد الاعلام. درر.
وقيد بتثويب المؤذن لما في القنية عن الملتقط: لا ينبغي لاحد أن يقول لمن فوقه في العلم والجاه حان وقت الصلاة سوى المؤذن، لأنه استفضال لنفسه ا ه بحر. قلت: وهذا خاص بالتثويب للأمير