لأنه لا يستقيم إثبات الكراهة للشئ مع الامر به، وقيل الأداء أيضا مكروه ا ه. كافي النسفي.
والحاصل أنهم اختلفوا في أن الكراهة في التأخير فقط دون الأداء أو فيهما، فقيل بالأول ونسبه في المحيط والايضاح إلى مشايخنا، وقيل بالثاني وعليه مشى الطحاوي والتحفة والبدائع والحاوي وغيرها على أنه المذهب بلا حكاية خلاف، وهو الأوجه لحديث مسلم وغيره عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: تلك صلاة المنافق: يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام ينقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا ا ه. حلية، وتبعه في البحر. ولا يخفى أن كلا الشارح ماش على الأول لا الثاني، فافهم. قال في القنية: ويستوفي سنة القراءة لان الكراهة في التأخير لا في الوقت ا ه. قوله: (لأدائه كما وجب) لان السبب هو الجزء الذي يتصل به الأداء، وهو هنا ناقص فقد وجب ناقصا فيؤدي كذلك. وأما عصر أمسه فقد وجب كاملا، لان السبب فيه جميع الوقت حيث لم يحصل الأداء في جزء منه، لكن الصحيح الذي عليه المحققون أنه لا نقصان في ذلك الجزء نفسه بل في الأداء فيه لما فيه من التشبه بعبدة الشمس، ولما كان الأداء واجبا فيه تحمل ذلك النقصان، أما إذا لم يؤد فيه والحال أنه لا نقص في الوقت أصلا وجب الكامل، ولهذا كان الصحيح وجوب القضاء في كامل على من بلغ أو أسلم في ناقص ولم يصل فيه كما تقدم.
والحاصل كما في الفتح أن معنى نقصان الوقت نقصان ما اتصل به من فعل الأركان المستلزم للتشبه بالكفار، فالوقت لا نقص فيه، بل هو كغيره من الأوقات إنما النقص في الأركان فلا يتأدى بها ما وجب كاملا، وهذا أيضا مؤيد للقول بأن الكراهة في التأخير والأداء خلاف ما مشى عليه الشارح، وما ذكره في النهر بحثا لبعض الطلبة مذكور مع جوابه في شرح المنية وغيره، وأوضحاه فيما علقناه على البحر. قوله: (بخلاف الفجر الخ) أي فإنه لا يؤدي فجر يومه وقت الطلوع، لان وقت الفجر كله كامل فوجبت كاملة، فتبطل بطرو الطلوع الذي هو وقت فساد.
قال في البحر: فإن قيل: روى الجماعة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح أجيب بأن التعارض لما وقع بينه وبين النهي عن الصلاة في الأوقات الثلاثة رجعنا إلى القياس كما هو حكم التعارض، فرجحنا حكم هذا الحديث في صلاة العصر وحكم النهي في صلاة الفجر، كذا في شرح النقاية ا ه.
على أن الامام الطحاوي قال: إن الحديث منسوخ بالنصوص الناهية، وادعى أن العصر يبطل أيضا كالفجر وإلا لزم العمل ببعض الحديث وترك بعضه بمجرد قولنا طرأ ناقص على كامل في الفجر، بخلاف عصر يومه مع أن النقص قارن العصر ابتداء والفجر بقاء فيبطل فيهما. وأجاب في البرهان بأن هذا الوقت سبب لوجوب العصر حتى يجب على من أسلم أو بلغ فيه، ويستحيل أن يكون سببا للوجوب ولا يصح الأداء فيه، وتمامه في حاشية نوح.
قوله: (وينعقد نفل الخ) لما كان قوله وكره شاملا للمكروه حقيقة والممنوع أتى بهذه الجملة بيانا لما أجمله ط.
واعلم أن ما يسمى صلاة ولو توسعا إما فرض أو واجب أو نفل، والأول عملي وقطعي،