من أن العامي له الخيار من كل مذهب ما يهواه. والصحيح عندنا أن الحق واحد، وأن تتبع الرخص فسق ا ه. قوله: (واستواء) التعبير به أولى من التعبير بوقت الزوال، لان وقت الزوال لا تكره فيه الصلاة إجماعا. بحر عن الحلية: أي لأنه يدخل به وقت الظهر كما مر. وفي شرح النقاية للبرجندي: وقد وقع في عبارات الفقهاء أن الوقت المكروه هو عند انتصاف النهار إلى أن تزول الشمس، ولا يخفى أن زوال الشمس إنما هو عقيب انتصاف النهار بلا فصل، وفي هذا القدر من الزمان لا يمكن أداء صلاة فيه، فلعل المراد أنه لا تجوز الصلاة بحيث يقع جزء منها في هذا الزمان، أو المراد بالنهار الشرعي، وهو من أول طلوع الصبح إلى غروب الشمس، وعلى هذا يكون نصف النهار قبل الزوال بزمان يعتد به ا ه. إسماعيل ونوح وحموي.
وفي القنية: واختلف في وقت الكراهة عند الزوال، فقيل من نصف النهار إلى الزوال لرواية أبي سعيد عن النبي (ص) أنه نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس. قال ركن الدين الصباغي: وما أحسن هذا لان النهي عن الصلاة فيه يعتمد تصورها فيها ه. وعزا في القهستاني القول بأن المراد انتصاف النهار العرفي إلى أئمة ما رواه النهر، وبأن المراد انتصاف النهر الشرعي وهو الضحوة الكبرى إلى الزوال إلى أئمة خوارزم. قوله: (إلا يوم الجمعة) لما رواه الشافعي في مسنده؟ نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة قال الحافظ ابن حجر:
في إسناده انقطاع، وذكر البيهقي له شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي ا ه. قوله: (المصحح المعتمد) اعترض بأن المتون والشروح على خلافه. قوله: (ونقل الحلبي) أي صاحب الحلية العلامة المحقق ابن أمير حاج عن الحاوي: أي الحاوي القدسي كما رأيته فيه، لكن شراح الهداية انتصروا لقول الإمام . وأجابوا عن الحديث المذكور بأحاديث النهي عن الصلاة وقت الاستواء فإنها محرمة، وأجاب في الفتح بحمل المطلق على المقيد، وظاهره ترجيح قول أبي يوسف، ووافقه في الحلية كما في البحر، لكن لم يعول عليه في شرح المنية والامداد، على أن هذا ليس من المواضع التي يحمل فيها المطلق على المقيد كما يعلم من كتب الأصول. وأيضا فإن حديث النهي صحيح رواه مسلم وغيره فيقدم بصحته، واتفاق الأئمة على العمل به وكونه حاظرا، ولذا منع علماؤنا عن سنة الوضوء وتحية المسجد وركعتي الطواف ونحو ذلك، فإن الحاظر مقدم على المبيح.
تنبيه: علم مما قررناه المنع عندنا وإن لم أره مما ذكره الشافعية من إباحة الصلاة في الأوقات المكروهة في حرم مكة استدلالا بالحديث الصحيح يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار فهو مقيد عندنا بغير أوقات الكراهة، لما علمته من منع علمائنا عن ركعتي الطواف فيها وإن جوزوا نفس الطواف فيها، خلافا لمالك كما صرح به في شرحه اللباب، والله أعلم. ثم رأيت المسألة عندنا، قال في الضياء ما نصه: وقد قال أصحابنا: إن الصلاة في هذه الأوقات ممنوع منها بمكة وغيرها ا ه. ورأيت في البدائع أيضا ما نصه: وما ورد من النهي إلا بمكة شاذ لا يقبل في معارضة المشهور، وكذا رواية استثناء يوم الجمعة غريب فلا يجوز تخصيص المشهور به ا ه. ولله الحمد. قوله: (وغروب) أراد به التغير كما صرح به في الخانية حيث قال: عند احمرار الشمس إلى أن تغيب. بحر وقهستاني. قوله: (إلا عصر يومه) قيد به لان عصر أمسه لا يجوز وقت التغير لثبوته في الذمة كاملا، لاستناد السببية فيه إلى جميع الوقت كما مر. قوله: (فلا يكره فعله)