كونه) أي كون الخف، والمراد محل المسح منه كما يفيده التفريع الآتي. قوله: (ولم يقدم قدمه إليه لم يجز) لأنه لما مسح على الموضع الخالي من القدم لم يقع المسح في محله وهو ظهر القدم كما يأتي فلم يمنع سراية الحدث إلى القدم، فلو قدم قدمه إليه ومسح جاز كما في الخلاصة. وفيها أيضا: ولو أزال رجله من ذلك الموضع أعاد المسح، ونقله في التجنيس عن أبي علي الدقاق. ثم قال: وفيه نظر ولم يذكر وجهه.
قال ح: وقد ذكر شيخنا السيد (1) رحمه الله تعالى وجهه بقوله: وجه النظر أنهم اعتبروا خروج أكثر القدم من موضع يمكن المسح عليه، وها هنا وإن خرجت من موضع مسح عليه لم تخرج من موضع يمكن المسح عليه ا ه. قوله: (ولا يضر الخ) الأولى ذكره عند الكلام على الشرط الأول كما فعله في الدرر ونور الايضاح ليكون إشارة إلى أن المراد ستره للكعبين من الجوانب لا من الأعلى ، ونبه على ذلك الخلاف الإمام أحمد فيه. قال في درر البحار: وعند أحمد إذا كان الخف واسعة بحيث يرى الكعب لا يجوز المسح. قوله: (المشي المعتاد) بأن لا يكون في غاية السرعة ولا في غاية البط، بل يكون وسطا. ونظير ما قالوه في السير المعتاد في مدة السفر لقصر الصلاة.
قوله: (فرسخا فأكثر) تقدم أن الفرسخ ثلاثة أميال اثنا عشر ألف خطوة، وعبر في السراج معزيا إلى الايضاح بمسافة السفر، وبه جزم في النقابة. وقال القهستاني: أي الشرعي كما هو المتبادر ويدل عليه كلام المحيط، ويخالفه كلام حاشية الهداية حيث قال: ما يمكن المشي فيه فرسخا فأكثر ا ه.
أقول: ويمكن أن يكون محل القولين على اختلاف الحالتين، ففي حالة الإقامة يعتبر الفرسخ لان المقيم لا يزيد مشيه عادة في يوم وليلة على هذا المقدار: أي المشي لأجل الحوائج التي تلزم لأغلب الناس، وفي حالة السفر يعتبر مدته.
ويقرب منه ما اعتبره الشافعية من التقدير بمتابعة المشي للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها اعتبارا بمدة المسح، لكن قد يقال: لما ثبت أن هذا الخف صالح للمسح عليه للمقيم قطع النظر عن حالة السفر، لان المسافر في الغالب يكون راكبا ولا يزيد مشيه غالبا على مقدار الفرسخ، فالأظهر اعتبار الفرسخ في حقهما، ومحمل قول من قال مسافة السفر على السفر اللغوي دون الشرعي كما يشير إليه كلام القهستاني السابق. تأمل.
تنبيه: المتبادر من كلامهم أن المراد من صلوحه لقطع المسافة أن يصلح لذلك بنفسه من غير لبس المداس فوقه، فإنه قد يرق أسفله ويمشي به فوق المداس أياما وهو بحيث لو مشى به وحده فرسخا تخرق قدر المانع، فعلى الشخص أن يتفقده ويعمل به بغلبة ظنه.
وقد وقع اضطراب بين بعض العصرين في هذه المسألة والظاهر ما قدمته وهو الأحوط أيضا، وقد تأيد ذلك عندي برؤيا رأيت فيها النبي (ص) بعد تحرير هذا المحل بأيام فسألته عن ذلك، فأجابني (ص) بأنه إذا رق الخف قدر ثلاث أصابع منع المسح، وكان ذلك في ذي القعدة سنة 4321 ولله الحمد، ثم رأيت التصريح بذلك في كتب الشافعية. قوله: (فلم يجز الخ) وكذا لو لف على