إحداهما من الألفاط أو أكثره مثل ما يقابله من الأخرى في الوزن والتفقية. والجناس اللاحق وهو اختلاف اللفظين المتجانسين في حرفين، غير متقاربين ولزوم ما لا يلزم، وهو هنا الاتيان بالصاد قبل الألف في الانصاف والأوصاف، وقد أتى بهاتين الفقرتين المصنف في المنح وابن الشحنة في شرح الوهبانية، وسبقهما إلى ذلك ابن مالك في التسهيل. قوله: (ألا) أداة استفتاح يستفتح بها الكلام.
قوله: (حسك) بفتحتين: شوك السعدان. والسعدان: نبت من أفضل مراعي الإبل كما في القاموس. ح. وهذا من التشبيه البليغ، فهو على حذف الأداة، أو تجرى فيه استعارة على طريقة السعد ط: وبين الحسد وحسك: الجناس اللاحق أيضا. قوله: (من تعلق هلك) يشير إلى وجه الشبه، فإن الحسد إذا تعلق بإنسان أهلكه لأنه يأكل حسناته ط. وظاهره، أن الضمير في تعلق للحسد لا لمن، والأنسب إرجاعه لمن. قوله: (وكفى للحاسد الخ) كفى فعل ماض، واللام في للحاسد زائدة في المفعول به على غير قياس، وذما تمييز، وتمييز كفى غير محول عن شئ كما ذكره الدماميني في شرح التسهيل، ومثله: امتلأ الكوز ماء، وآخر بالرفع فاعل كفى، ولم يزد الباء في فاعلها لأنه غير لازم بل غالب، بخلاف زيادتها في فاعل أفعل في التعجب فإنها لازمة، لكن قال الدماميني: إن كان كفى بمعنى أجزأ وأغني أو بمعنى وقي لم تزد الباء في فاعلها، هكذا قيل. ولم أر من أفصح عن معنى كفى التي تغلب زيادة الباء في فاعلها. وفي كلام بعضهم ما يشير إلى أنها قاصرة لا متعدية، وفي كلام بعضهم خلاف ذلك اه. فافهم. وجه الذم أنه تعالى أسند إليه الشر وأمر نبيه (ص) بالاستعاذة منه، وأي ذم أعظم من ذلك. قوله: (في اضطرامه) متعلق بكفى أو بمحذوف حال من الحاسد، أو في للتعليل كما في حديث (إن امرأة دخلت النار في هرة حبستها) أو بمعنى مع كما في (ادخلوا في أمم) [الأعراف: 38] والإضطرام كما قال ح عن جامع اللغة:
اشتعال النار فيما يسرع اشتعالها فيه. قال ط: شبه شدة تحسر لفوات غرضه بالإشتعال. قوله:
(بالقلق) هو بالتحريك: الانزعاج. قاموس. قوله: (لله در الحسد) في الرضي: الدر في الأصل ما يدر: أز ما ينزل من الضرع من اللبن ومن الغيم من المطر، وهو هنا كناية عن فعل الممدوح الصادر عنه، وإنما نسب فعله لله تعالى قصدا للتعجب منه، لان الله تعالى منشئ العجائب، وكل شئ عظيم يريدون التعجب منه ينسبونه إليه تعالى ويضيفونه إليه، فمعنى لله دره: ما أعجب فعله وفي القاموس: وقولهم ولله دره: أي عمله، كذا في حواشي الجامي للمولى عصام. ثم قال: فقول الشرح: يعني الجامي لله خيره بجعل الدر كناية عن الخير لا يوافق تحقيق اللغة اه. ابن عبد الرزاق.
قوله: (ما أعدله الخ) تعجب ثان متضمن لبيان منشأ التعجب. وفي الرسالة القشيرية قال معاوية رضي الله عنه: ليس في خلال الشر خلة أعدل من الحسد، تقتل الحاسد غما قبل المحسود اه.
لكن شرطه ما قال الشاعر دع الحسود وما يلقاه من كمده * كفاك منه لهيب النار في كبده إن لمت ذا حسد نفست كربته * وإن سكت فقد عذبته بيده وقال آخر وقد أجاد: