أقول: هذا التعليل عليل، فقد رد بأن ذاك أمر متوهم مع أنه لمن يثابر عليه لا يدمي. ويظهر لي التوفيق، بأن معنى قولهم هو للوضوء عندنا بيان ما تحصل به الفضيلة الواردة فيما رواه أحمد من قوله (ص): صلاة بسواك أفضل من سبعين صلاة بغير سواك أي أنها تحصل بالاتيان به عند الوضوء.
وعند الشافعي لا تحصل إلا بالاتيان به عند الصلاة. فعندنا كل صلاة صلاها بذلك الوضوء لها هذه الفضيلة خلافا له، ولا يلزم من هذا نفي استحبابه عندنا لكل صلاة أيضا حتى يحصل التنافي. وكيف لا يستحب للصلاة التي هي مناجاة الرب تعالى مع أنه يستحب للاجتماع بالناس؟.
قال في إمداد الفتاح: وليس السواك من خصائص الوضوء، فإنه يستحب في حالات: منها تغير الفم، والقيام من النوم، وإلى الصلاة، ودخول البيت، والاجتماع بالناس، وقراءة القرآن، لقول أبي حنيفة: إن السواك من سنن الدين فتستوي فيه الأحوال كلها ا ه. وفي القهستاني: ولا يختص بالوضوء كما قيل، بل سنة على حدة على ما في ظاهر الرواية. وفي حاشية الهداية أنه مستحب في جميع الأوقات، ويؤكد استحبابه عند قصد التوضؤ فيسن أو يستحب عند كل صلاة ا ه.
وممن صرح باستحبابه عند الصلاة أيضا الحلبي في شرح المنية الصغير، وفي هداية ابن العماد أيضا، وفي التاترخانية عن التتمة: ويستحب السواك عندنا عند كل صلاة ووضوء وكل ما يغير الفم وعند اليقظة ا ه. فاغتنم هذا التحرير الفريد. قوله: (وأقله الخ) أقول: قال في المعراج: ولا تقدير فيه، بل يستاك إلى أن يطمئن قلبه بزوال النكهة واصفرار السن، والمستحب فيه ثلاث بثلاث مياه ا ه.
والظاهر أن المراد لا تقدير فيه من حيث تحصيل السنة وإنما تحصيل باطمئنان القلب، فلو حصل بأقل من ثلاث فالمستحب إكمالها كما قالوا في الاستنجاء بالحجر. قوله: (في الأعالي) ويبدأ من الجانب الأيمن ثم الأيسر وفي الأسافل كذلك. بحر. قوله: (بمياه ثلاثة) بأن يبله في كل مرة.
قوله: (وندب إمساكه بيمناه) كذا في البحر، والنهر، قال في الدرر: لأنه المنقول المتوارث ا ه.
وظاهره أنه منقول عن النبي (ص)، لكن قال محشيه العلامة نوح أفندي: أقول: دعوى النقل تحتاج إلى نقل ولم يوجد. غاية ما يقال: إن السواك إن كان من باب التطهير استحب باليمين كالمضمضة، وإن كان من باب إزالة الأذى فباليسرى، والظاهر الثاني كما روي عن مالك. واستدل للأول بما ورد في بعض طرق حديث عائشة: أنه (ص) كان يعجبه التيامن في ترجله وتنعله وطهوره وسواكه ورد بأن المراد البداءة بالجانب الأيمن من الفم ا ه. ملخصا. وفي البحر والنهر: والسنة في كيفية أخذه أن يجعل الخنصر أسفله والابهام أسفل رأسه وباقي الأصابع فوقه كما رواه ابن مسعود. قوله: (وكونه لينا) كذا في الفتح. وفي السراج: يستحب أن يكون لا السواك رطبا يلتوي لأنه لا يزيل القلح وهو وسخ الأسنان، ولا يابسا يجرح اللثة وهي منبت الأسنان ا ه. فالمراد أن رأسه الذي هو محل استعماله يكون لينا: أي لا في غاية الخشونة ولا غاية النعومة. تأمل. قوله: (بلا عقد) في شرح درر البحار: قليل العقد. قوله: (في غلظ الخنصر) كذا في المعراج، وفي الفتح:
الإصبع. قوله: (وطول شبر) الظاهر أنه في ابتداء استعماله، فلا يضر نقصه بعد ذلك بالقطع منه لتسويته. تأمل. وهل المراد شبر المستعمل أو المعتاد؟ الظاهر الثاني لأنه محمل الاطلاق غالبا. قوله:
(ويستاك عرضا لا طولا) أي لأنه يخرج لحم الأسنان. وقال الغزنوي: طولا وعرضا. والأكثر على