قد بلغتماني ما أرسلكما به معاوية، فاسمعا مني ثم أبلغاه عني وقولا له: ان عثمان بن عفان لا يعدو أن يكون أحد رجلين: إما إمام هدى حرام الدم واجب النصرة لا تحل معصيته ولا يسع الأمة خذلانه، أو إمام ضلالة حلال الدم لا تحل ولايته ولا نصرته، فلا يخلو من احدى الخصلتين.
والواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين بعدما يموت إمامهم أو يقتل، ضالا كان أو مهتديا، مظلوما كان أو ظالما، حلال الدم أو حرام الدم، أن لا يعملوا عملا ولا يحدثوا حدثا ولا يقدموا يدا ولا رجلا ولا يبدؤوا بشيء قبل أن يختاروا لأنفسهم إماما عفيفا عالما ورعا عارفا بالقضاء والسنة يجمع أمرهم ويحكم بينهم ويأخذ للمظلوم من الظالم حقه ويحفظ أطرافهم ويجبى فيئهم ويقيم حجتهم (حجهم وجمعتهم - البحار) ويجبى صدقاتهم ثم يحتكمون اليه في إمامهم المقتول ظلما ليحكم بينهم بالحق. فإن كان إمامهم قتل مظلوم حكم لأوليائه بدمه، وان كان قتل ظالما نظر كيف الحكم في ذلك.
هذا أول ما ينبغي (1) أن يفعلوه ان يختاروا إماما يجمع أمرهم إن كانت الخيرة لهم و يتابعوه ويطيعوه، وإن كانت الخيرة إلى الله - عز وجل - والى رسوله فان الله قد كفاهم النظر في ذلك والاختيار، ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد رضي لهم إماما وأمرهم بطاعته واتباعه، وقد بايعني الناس بعد قتل عثمان وبايعني المهاجرون والأنصار بعد ما تشاوروا في ثلاثة أيام، وهم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان وعقدوا إمامتهم. ولي ذلك أهل بدر والسابقة من المهاجرين والأنصار، غير أنهم بايعوهم قبلي على غير مشورة من العامة وإن بيعتي كانت بمشورة من العامة، فان كان الله - جل اسمه - جعل الاختيار إلى الأمة وهم الذين يختارون و ينظرون لأنفسهم، واختيارهم لأنفسهم ونظرهم لها خير لهم من اختيار الله ورسوله لهم، وكان من اختاروه وبايعوه بيعته بيعة هدى وكان إماما واجبا على الناس طاعته ونصرته، فقد تشاوروا في واختاروني بإجماع منهم. وان كان الله - عز وجل - الذي يختار و له الخيرة فقد اختارني للأمة واستخلفني عليهم وأمرهم بطاعتي ونصرتي في كتابه المنزل وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم). فذلك أقوى لحجتي وأوجب لحقي. الحديث. " (2) ودلالة الخبر على لزوم الإمامة وضرورتها في كل عصر، ووجوب اهتمام الناس