فرأى المصلحة في نقض القسمة، فاستنزل المسلمين عنها، فمنهم من ترك حقه بعوض، ومنهم من تركه بغير عوض.
فلما حصلت الأرض لبيت المال - فعند الشافعي أنه - وقفها على المسلمين، ثم أجرها منهم بقدر معلوم، يؤخذ منهم في كل سنة عن كل جريب من الكرم عشرة دراهم، ومن النخل ثمانية دراهم، ومن الرطبة ستة، ومن الحنطة أربعة دراهم، ومن الشعير درهمان. فأرض السواد عنده وقف لا تباع ولا توهب ولا تورث.
وقال أبو العباس: ما وقفها ولكنه باعها من المسلمين بثمن معلوم يجب في كل سنة عن كل جريب. وهو ما قلناه، فالواجب فيها في كل سنة ثمن أو أجرة، وأيهما كان فإن العشر يجتمع معه بلا خلاف، فإن العشر والأجرة يجتمعان، وكذلك الثمن والعشر يجتمعان، فعلى مقتضى مذهبنا لا خلاف بيننا وبينهم فيها.
وأما مذهب أبي حنيفة، فإن الإمام إذا فتح أرضا عنوة فعليه قسمة ما ينقل ويحول كقولنا.
وأما الأرض، فهو بالخيار بين ثلاثة أشياء: بين أن يقسمها بين الغانمين، أو يقفها على المسلمين، وبين أن يقرها في يد أهلها المشركين ويضرب عليهم الجزية بقدر ما يجب على رؤوسهم. فإذا فعل هذا تعلق الخراج بها إلى يوم القيامة، ولا يجب العشر في غلتها إلى يوم القيامة، فمتى أسلم واحد منهم أخذت تلك الجزية منه باسم الخراج، ولا يجب العشر في غلتها، وهو الذي فعله في سواد العراق.
فعلى تفصيل مذهبهم لا يجتمع العشر والخراج إجماعا، لأنه إذا أسلم واحد منهم سقط الخراج عندنا، ووجب العشر في غلتها. وعندهم استقر الخراج في رقبتها، وسقط العشر من غلتها. فلا يجتمع العشر والخراج أبدا على هذا.
وأصحابنا اعتقدوا أن أبا حنيفة يقول: أن العشر والخراج الذي هو الثمن أو الأجرة لا يجتمعان، وتكلموا عليه.
واعتقد أصحاب أبي حنيفة أنا نقول: أن العشر والخراج الذي هو الجزية