فصل في زكاة الغلات قد بينا أنه لا زكاة واجبة في الغلات إلا في الأجناس الأربعة التي قدمنا ذكرها، وليس فيها زكاة حتى تبلغ نصابا، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، والصاع تسعة أرطال بالعراقي بعد إخراج المؤن كلها من الخراج وحق الأكرة والثلث وغيره، فإذا فضل بعد ذلك القدر الذي ذكره أخرج منه الزكاة، وفيما زاد على الخمسة تخرج منه الزكاة قليلا كان أو كثيرا لأنه ليس يراعى نصاب آخر بعد النصاب الأول.
ثم ينظر في صفة الأرض: فإن كانت تسقى سيحا أو كان عذيا أو كان الشجر بعلا يشرب بعرقه فلا يلزم على شئ من ذلك مؤونة مجحفة كان فيها العشر، فإن كانت تسقى بالدوالي والنواضح والدواليب والقيمة وما يلزم عليه المؤن الثقيلة ففيه نصف العشر.
ما عدا الأجناس الأربعة من المكيلات الزكاة فيها مستحبة على هذا الحساب، وما نقص عن الخمسة أوسق لا تتعلق به الزكاة إذا كان كل جنس بحاله نصاب كامل وإن كان لو جمع كان نصابا وأكثر، إلا إذا قصد الفرار بذلك من الزكاة ففرقه كذلك فحينئذ تلزمه الزكاة.
فصل في مستحق الزكاة ومقدار ما يعطي منه مستحق الزكاة هم الثمانية أصناف الذين ذكرهم الله تعالى في آية الزكاة في قوله: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل.
فالفقير هو الذي لا شئ له، والمسكين، هو الذي له بلغة من العيش لا تكفيه، وقيل بالعكس من ذلك، غير أنهما يستحقان جميعا سهما من الزكاة.