مراعى، فإن صرف المكاتب ما أخذه في دينه والغارم في غرمه والغازي في جهاده وابن السبيل في سفره، وإلا استرجع لقوله تعالى: وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل، فجعلهم ظرفا للزكاة ولم يجعلهم مستحقين كما جعل الأصناف الأربعة المتقدمة فإنه أضاف إليهم بلام الملك، فإذا ثبت ذلك فإنه يراعى.
والمكاتب إذا أخذ الصدقة ودفعها في مال الكتابة وعتق فلا كلام، وإن أبرأه سيده من مال الكتابة أو تطوع به إنسان بالأداء أو عجز نفسه فاسترقه السيد استرجعت منه، وإن أخذها فقضى بعض ما عليه من الدين وبقى البعض فعجزه السيد فيه وجهان، والأقوى عندي أنه لا يسترجع منه لأنه لا دليل عليه.
وأما الغارم، فإن قضى بها دينه أجزأه، وإن تطوع عنه إنسان بقضائه أو أبرأه صاحب الدين استرجعت منه.
وأما الغازي، فإن صرفها في جهة الغزو أجزأه، وإن بدا له ولم يخرج استرجعت منه.
وابن السبيل، إن صرف ماله في سفره أجزأه، وإن ترك السفر استرجعت منه.
الفصل الثالث: في بيان من يأخذ الصدقة مع الغنى والفقر، ومن لا يأخذها إلا مع الفقر:
فالفقراء والمساكين والرقاب والغارمون لمصلحة نفوسهم وابن السبيل المنشئ للسفر من بلده لا يأخذون هؤلاء كلهم إلا مع الفقر والحاجة ولا يأخذونها مع الغناء، والعاملون والمؤلفة والغزاة والغارمون لمصلحة ذات البين وابن السبيل المجتاز بغير بلده يأخذون الصدقة مع الغنى والفقر. فالأصناف الخمسة الذين لا يأخذون إلا مع الفقر لا خلاف فيه بين أهل العلم، وأما الأصناف الذين يأخذون مع الغنى والفقر فيه خلاف.