ثم انه لا يتوقف جواز هذه التقية بل وجوبها على الخوف على نفسه أو غيره بل الظاهر ان المصالح النوعية صارت سببا لإيجاب التقية عن المخالفين فتجب التقية وكتمان السر ولو كان مأمونا وغير خائف على نفسه وغيره.
حول اعتبار عدم المندوحة في التقية المبحث الرابع هل يعتبر في التقية عدم المندوحة مطلقا أم لا كذلك؟ أو يفصل بين ما كان مأذونا فيه بخصوصه فلا يعتبر كغسل الرجلين في الوضوء والوضوء منكوسا وبين ما لم يرد فيه نص خاص، أو يفصل بين التقية من المخالفين فلا يعتبر مطلقا أو في الجملة وبين غيرهم فيعتبر؟ والتحقيق هو اعتبار عدم المندوحة فيما إذا كانت التقية من غير المخالفين مما كان دليلها مثل حديث الرفع وقوله: «التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم» وقوله: التقية في كل ضرورة وعدم الاعتبار إذا كانت من المخالفين مطلقا، اما اعتبار عدمها في الفرض الأول فلعدم صدق الاضطرار والضرورة مع المندوحة، فان من كان في سعة من إتيان الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل لا يكون مضطرا إلى إتيانها مع سعة الوقت لعدم إمكان إلزام أحد على الصلاة التي كانت متقومة بالنية فالإلزام انما يتعلق بصورة الصلاة لا بالصلاة متكتفا، الا ان يكون المكلف ملزما بإتيانها من قبل علام الغيوب كما في الواجب المضيق أو الواجب الذي ضاق وقته فيكون مضطرا في إتيانها وقت الضيق عقلا (فحينئذ) مع حضور من يتقى منه ويخاف على نفسه منه يضطر بإتيانها على وجه التقية.
وبالجملة الاضطرار على إتيان المأمور به الذي يكون من الأمور القصدية بكيفية خاصة لا يتحقق الا بالاضطرار إلى إيجاد الطبيعة وإلى الكيفية الخاصة فمع عدم الاضطرار إلى أحدهما لا يصدق انه مضطر إلى إتيانها كذلك.
(فما ادعى) الشيخ الأعظم من منع توقف الاضطرار إلى مثل التكتف على الاضطرار إلى الصلاة التي يقع فيها بل الظاهر انه يكفي في صدق الاضطرار إليه كونه لا بد من فعله مع وصف إرادة الصلاة في تلك الوقت لا مطلقا (مما لا يمكن المساعدة عليه) ضرورة عدم الاضطرار على التكتف في الصلاة مع الاختيار في تركها بل الأمر كذلك فيمن علم ان