هل ترجيح قول الأفضل لزومي أم لا؟
نعم يبقى في المقام امر وهو انه هل بناء العقلاء على ترجيح قول الأفضل لدى العلم بمخالفته مع غيره إجمالا أو تفصيلا يكون بنحو الإلزام؟ أو من باب حسن الاحتياط وليس بنحو اللزوم؟ لا يبعد الاحتمال الثاني لوجود تمام الملاك في كليهما، واحتمال أقربية قول الأعلم على فرض صحته لم يكن بمثابة يرى العقلاء ترجيحه عليه لزوميا ولهذا تريهم يراجعون إلى المفضول بمجرد أعذار غير وجيهة كبعد الطريق وكثرة المراجعين ومشقة الرجوع إليه ولو كانت قليلة وأمثال ذلك مما يعلم انه لو حكم العقل إلزاما بالترجيح لما تكون تلك الاعذار وجيهة لدى العقل والعقلاء، هذا مع علمهم إجمالا بمخالفة أصحاب الفن في الرأي في الجملة فليس ترجيح الأفضل الا ترجيحا غير ملزم واحتياطا حسنا، ولهذا لو أمكن لأحد تحصيل اجتماع أصحاب فن في امر والاستفتاء منهم لفعل لا لأجل عدم الاعتناء بقول الأفضل أو الفاضل بل للاحتياط الراجح الحسن.
وبالجملة المناط كل المناط في رجوعهم هو اعتقادهم بندرة الخطاء وإلقاء احتمال الخلاف وهو موجود في كليهما (فحينئذ) مع تعارض قولهما مقتضى القاعدة تساقطهما والرجوع إلى الاحتياط مع الإمكان والا فالتخيير وان كان ترجيح قول الأفضل حسنا على أي حال «تأمل».
هذا ولكن مع ذلك فالذهاب إلى معارضة قول المفضول قول الأفضل مشكل خصوصا في مثل ما نحن فيه أي باب الاحتجاج بين العبيد والموالي مع كون المقام من دوران الأمر بين التعيين والتخيير والأصل يقتضى التعيين، فالقول بلزوم تقديم قول الأفضل لعله أوجه مع ان الأصحاب أرسلوه إرسال المسلمات والضروريات مضافا إلى عدم إحراز بناء العقلاء على العمل بقول المفضول مع العلم التفصيلي بل الإجمالي المنجز بمخالفته مع الفاضل لو لم يعمل بإحراز عدمه (نعم) لا يبعد ذلك مع العلم بان في أقوالهم اختلافا لا مع العلم إجمالا بان في هذا المورد أو مورد آخر مثلا مختلفين،