الحضور في مجلس الشرب مثلا ينجر إلى اضطراره بشرب الخمر فمع اختياره لترك الحضور إذا حضر وشرب الخمر اضطرارا يعد هذا الشرب اختياريا غير معذور فيه، وانما يعاقب على شربه لا حضوره لأن مقدمة الحرام غير محرمة.
لا يقال: ان شرب الخمر بعد حضوره واجب لتوقف حفظ النفس عليه فكيف يعاقب عليه؟ فإنه يقال: حفظ النفس واجب شرعا والشرب واجب عقلا مقدمة مع كونه محرما شرعا فالعقل يحكم بلزوم ارتكاب أقل المحذورين مع استحقاقه للعقوبة مع انه لو التزم بالوجوب الشرعي أيضا لا مانع من صحة العقوبة كالمتوسط في الأرض المغصوبة فان حكم الشارع لم يتعلق به لأجل مصلحة فيه بل لأجل قلة المفسدة وأقلية المحذور وفي مثله لا مانع من العقوبة عقلا (وبالجملة) لا إشكال في ان العقل يحكم حكما جزميا بصحة عقوبة من حضر في محل اختيارا مع علمه باضطراره بالمحرم (فحينئذ) يقع البحث في انه لو اضطر المكلف نفسه بإتيان الفرد الاضطراري بان لا يأتي به الا آخر الوقت وحضر عند من يتقى منه اختيارا هل يكون عاصيا أو لا؟ وعلى الأول هل تصح عبادته أو لا؟ مقتضى الجمود على ظاهر الأدلة صحتها مع العصيان اما العصيان فلان المتفاهم من عنوان التحليل عند الاضطرار ان الفرد الاضطراري ناقص عن الاختياري وانه تفوت به مصلحة ملزمة لكن الاضطرار واللا بدية لاستيفاء بقية المصلحة صارا سببا للأمر بإتيانه (وبالجملة) ان الضرورة أباحت المحظور، واما الصحة فلتحقق عنوان الاضطرار ولو باختياره.
اللهم الا ان يدعى انصراف أدلة الاضطرار عن الاضطرار بالاختيار خصوصا إذا كان دليل الاضطرار كحديث الرفع مسوقة للامتنان (فحينئذ) لا تستفاد الصحة من الأدلة الا إذا دل دليل بالخصوص على عدم جواز ترك المأمور به كقوله: الصلاة لا تترك بحال (فحينئذ) يجب الإتيان وتصح.
هذا حال ما يستفاد حكمه من دليل الاضطرار وقد عرفت اعتبار عدم المندوحة مطلقا فيجب إعمال الحلية في التخلص عن المتقى منه وفي إتيان العمل موافقا للحق بقدر المقدور فان الضرورات تتقدر بقدرها (نعم) لو خاف من إعمال الحيلة إفشاء سره