أيضا واضح، ضرورة ان ارتكازية رجوع الجاهل في كل شيء إلى عالمه معلومة لكل أحد وان الأئمة عليهم السلام قد علموا بان علماء الشيعة في زمان الغيبة وحرمانهم عن الوصول إلى الإمام لا محيص لهم عن الرجوع إلى كتب الاخبار والأصول والجوامع كما أخبروا بذلك ولا محالة يرجع عوام الشيعة إلى علمائهم بحسب الارتكاز والبناء العقلائي المعلوم لكل أحد فلو لا ارتضاؤهم بذلك كان عليهم الردع إذ لا فرق بين السيرة المتصلة إلى زمانهم وغيرها مما علموا وأخبروا وقوع الناس فيه فإنهم أخبروا عن وقوع الغيبة الطويلة وان كفيل أيتام آل محمد صلى الله عليه وعليهم علمائهم، وانه سيأتي زمان هرج ومرج يحتاج العلماء إلى كتب أصحابهم فأمروا بضبط الأحاديث وثبتها في الكتب، فتحصل من جميع ذلك ان الإشكال على أصل السيرة غير وارد فيدل على أصل التقليد الارتكاز القطعي العقلائي.
حول كيفية السيرة العقلائية ومناطها ثم انه لا بد من البحث عن كيفية السيرة وانها مع وجود الأفضل واختلافه مع الفاضل كيف هي؟ فلا بد أولا من بيان مناط رجوع الجاهل إلى العالم حتى يتضح الحال.
لا إشكال في ان رجوعه إليه انما هو لأجل طريقيته إلى الواقع وكشفه عنه وان منشأه إلقاء احتمال الخلاف لأجل غلبة موافقة قوله للواقع وندرة المخالفة بحيث لا يعتنى به العقلاء بل يكون نوع العقلاء في مقام العمل غافلا عن احتمال المخالفة فيعمل على طبقه ويرى وصوله إليه بارتكازه نعم لو تنبه يرى انه ليس بعالم، ولعل هذا هو المراد بالعلم العادي المتداول على ألسنتهم ولعل هذا الوجه هو المعول عليه في نوع سيرة العقلاء وبنائهم العملي كالتعويل على أصالة الصحة وخبر الثقة واليد والبناء على الصحة في باب العيوب.
واما احتمال كون بنائهم على ذلك لأجل مقدمات الانسداد بان يقال يرى العقلاء احتياجهم في تشخيص امر من الأمور ولا يمكن لهم الاحتياط أو يعسر عليهم ولا يجوز لهم الإهمال لأجل احتياجهم إليه في العمل وليس لهم طريق إلى الواقع فيحكم عقلهم بالرجوع إلى الخبرة لأجل أقربية قوله إلى الواقع من غيره، أو احتمال ان يكون منشأ ذلك هو