أقول: صدر الحديث يدل على ان الأحاديث الواردة عن رسول الله إذا كانت مخالفة لتحليل الله وتحريمه وفرائضه ومحرماته يجب طرحها، وما ورد عن الأئمة إذا كان كذلك أو مخالفة للأمر والنهي الإلزاميين الواردين عن رسول الله لا يجوز استعماله ويجب طرحه، واما ما ورد في الكتاب والسنة من الا وامر غير الإلزامية والنواهي كذلك ووردت الرخصة من رسول الله صلى الله عليه وآله أو الأئمة عليهم السلام فذلك الذي يجوز استعماله والأخذ به، ثم ذكر الحديثين المختلفين وبين الأمر فيهما على هذا المنوال.
ولا يخفى ان الرخصة والتخيير فيه غير التخيير في الأخذ بإحدى الروايتين المتعارضتين لأن الرخصة والتخيير في امر الفضل ونهى الإعافة الذي يسع استعمال الرخصة فيه ويكون المكلف مخيرا في الأخذ بأحدهما أو جميعهما ليستا الا لأجل عدم المنافاة بين امر الفضل والرخصة في الترك ونهى الإعافة والرخصة في الفعل، فجعل هذه الرواية شاهدة للجمع المتقدم ضعيف كما ان عدها من اخبار التخيير كذلك (نعم) ذيلها ظاهر في وجوب رد الخبرين إليهم وعدم جواز القول فيهما بالآراء والأهواء والاجتهادات الظنية إذا لم نجدهما على أحد الوجوه المتقدمة وذلك لا ينافي التخيير والتوسعة في العمل كما لا ينافي رجحان التوقف وترك العمل بواحد منهما والاحتياط في العمل.
فتحصل مما ذكرنا ان المستفاد من مجموع الروايات بعد رد بعضها إلى بعض ان المكلف مرخص في العمل بواحد من المتعارضين مخير فيهما على سبيل التوسعة، والأرجح له الوقوف والاحتياط فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات، وليس له الاستبداد بالرأي في تخريج الحكم الواقعي بالاجتهادات والظنون غير المعتبرة عند العقلاء المنهي عنها في الشرع، وهذا لا ينافي جواز الأخذ بأحد الخبرين والفتوى على طبقه كما هو مفاد اخبار التخيير لأنه بمقتضى الحجة وهي تلك الاخبار وسيأتي مزيد توضيح لذلك إن شاء الله.
في ان التخيير في المسألة الأصولية بقي التنبيه على أمور:
الأول - لا إشكال في ان التخيير بالاخذ بأحد الخبرين ليس من قبيل التخيير في