بذي المزية على سبيل التعيين هل الأصل يقتضى التخيير أو التعيين؟ والكلام يقع تارة بناء على السببية وتارة على الطريقية. وقد استقصينا الكلام في أقسام الدوران بينهما في مباحث البراءة ولهذا نطوي الكلام هاهنا.
فنقول: لا إشكال في ان مقتضى الأصل على الطريقية هو التعيين وان قلنا بالتخيير في الدوران في غير ذلك لأن مقتضى الأصل الأولى في المقام كما عرفت هو عدم الحجية وسقوط المتعارضين ولا بد من قيام دليل قطعي الاعتبار على جواز العمل أو وجوبه على طبق أحدهما معينا أو مخيرا حتى نخرج عن مقتضاه بل الشك في قيام الدليل على اعتبار أمارة مساوق للقطع بعدم حجيتها، لأن الحجية لا تكون الا مع قيام الدليل ولا يمكن ان يدخلها الشك فإذا شك في قيام الدليل على وجوب العمل أو جوازه على أحد الخبرين تخييرا أو تعيينا بعد قيام الدليل على أصله يكون اعتبار ذي المزية متيقنا وغيره مشكوكا فيه وهو مساوق للقطع بعدم حجيته، واما على السببية فلعله يختلف حسب اختلاف معاني السببية فقد يكونان من قبيل المتزاحمين وقد لا يكونان كذلك والأمر سهل بعد بطلان المبنى.
في حال اخبار العلاج الثاني - بعد ما علم ان الأصل مع احتمال المزية هو التعيين قد استدل على وجوب الأخذ بذي المزية بوجوه: عمدتها الاخبار الواردة في العلاج.
وقد استشكل على تمامية دلالتها (تارة) بان الاختلافات الكثيرة في نفس تلك الاخبار شاهدة على عدم وجوب الترجيح، فان في بعضها يكون الترجيح بالأعدلية، والأفقهية أول المرجحات، وفي بعضها الاشتهار بين الأصحاب أولها، وفي كثير منها جعل الترجيح بمخالفة العامة بنحو الإطلاق، وفي بعضها بموافقة الكتاب كذلك، وفي بعضها امر بالإرجاء بعد عدم المرجح، وفي بعضها امر بالاحتياط ثم التخيير، فنفس هذه الاختلافات الكثيرة تمنع عن حمل الأوامر فيها على الوجوب فلا بد من حملها على الاستحباب.
وأخرى بان الأمر دائر بين تقييد إطلاقات كثيرة في مقام البيان في اخبار التخيير