في الإشكال المعروف على الاستصحاب والجواب عنه فالعمدة في المقام هو الإشكال المعروف أي عدم بقاء الموضوع وتقريره: انه لا بد في الاستصحاب من وحدة القضية المتيقنة والمشكوك فيها وموضوع القضية هو رأي المجتهد وفتواه وهو امر قائم بنفس الحي وبعد موته لا يتصف بحسب نظر العرف المعتبر في المقام بعلم ولا ظن ولا رأي له بحسبه ولا فتوى، ولا أقل من الشك في ذلك ومعه أيضا لا مجال للاستصحاب لأن إحراز الموضوع شرط في جريانه، ولا إشكال في ان مدار الفتوى هو الظن الاجتهادي ولهذا يقع المظنون بما هو كذلك وسطا في قياس الاستنباط ولا إشكال في عدم إحراز الموضوع بل في عدم بقائه.
وفيه ان مناط عمل العقلاء على رأي كل ذي صنعة في صنعته هو أماريته وطريقيته عن الواقع وهو المناط في فتوى الفقهاء سواء كان دليل اعتباره بناء العقلاء الممضى أو الأدلة اللفظية فان مفادها أيضا كذلك ففتوى الفقيه بان صلاة الجمعة واجبة طريق إلى الحكم الشرعي وحجة عليه وانما تتقوم طريقيته وطريقية كل رأي خبير إلى الواقع إذا أفتى وأخبر بنحو الجزم لكن الوجود الحدوثي للفتوى بنحو الجزم يوجب كونه طريقا إلى الواقع أبدا ولا ينسلخ عنه ذلك الا بتجدد رأيه أو الترديد فيه والا فهو طريق إلى الواقع، كان صاحب الرأي حيا أو ميتا، فإذا شككنا في جواز العمل به من حيث احتمال دخالة الحياة شرعا في جوازه فلا إشكال في جريان الاستصحاب ووحدة القضية المتيقنة والمشكوك فيها، فرأي العلامة وقوله وكتاب قواعده كل كاشف عن الأحكام الواقعية، ووجودها الحدوثي كاف في كونه طريقا وهو المناط في جواز العمل شرعا ولدى العقلاء.
وان شئت قلت: جزم العلامة أو إظهار فتواه جزما جعل كتابه حجة وطريقا إلى الواقع وجاز العمل في زمان حياته ويشك في جواز العمل على طبقه بعد موته فيستصحب (1).