من تثق بدينه (1) فهي بحسب الحكم الأولى فلا منافاة بينهما، وكيف كان فلا ينبغي الشبهة في صحة الصلاة وساير العبادات المأتي بها على وجه التقية. بقي شيء وهو انه لا إشكال في ان التقية الاضطرارية تابعة لتحقق عنوان الاضطرار والضرورة من غير نظر إلى سببه، فلو فرض ان كافرا أو سلطانا شيعيا أو غيرهما اضطره إلى إتيان العبادة بوجه خاص يكون مجزيا عن المأمور به وسيأتي الكلام في ميزان تحققه.
واما التقية المداراتية المرغوب فيها مما تكون العبادة معها أحب العبادات وأفضلها فالظاهر اختصاصها بالتقية عن العامة كما هو مصب الروايات على كثرتها ولعل السر فيها صلاح حال المسلمين بوحدة كلمتهم وعدم تفرق جماعتهم لكي لا يصيروا أذلاء بين ساير الملل وتحت سلطة الكفار وسيطرة الأجانب أو صلاح حال الشيعة لضعفهم خصوصا في تلك الأزمنة وقلة عددهم فلو خالفوا التقية لصاروا في معرض الزوال والانقراض.
ففي رواية عبد الله بن يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتقوا على دينكم، واحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له، انما أنتم في الناس كالنحل في الطير، ولو ان الطير يعلم ما في أجواف النحل ما بقي منها شيء الا أكلته، ولو ان الناس علموا ما في أجوافكم إنكم تحبونا أهل البيت لأكلوكم بألسنتهم ولنحلوكم في السر والعلانية رحم الله عبدا منكم كان على ولايتنا (1).