الا ان يقال: ان مستندهم في التخيير تلك الرواية لا في عدم التساقط واما ثانيا فلان المشهور بين الأصحاب على ما حكى هو وجوب العمل بكل ذي مزية بل عن جماعة الإجماع وعدم ظهور الخلاف فيه مع ان إطلاق رواية ابن الجهم يقتضى الاقتصار على المنصوص من المرجحات، بل لو بنينا على استفادة التعميم من المرجحات المنصوصة من الروايات كما عليه الشيخ يلزم التقييد الكثير المستهجن في دليل التخيير لندرة تساوى الروايتين من جميع الجهات.
في تقريب الترجيح بكل ذي مزية ولهذا لأحد ان يقول: انه من المحتمل ان يكون مبنى المشهور في الترجيح بكل ذي مزية هو أصالة التعيين في الدوران بين التعيين والتخيير لا لدليل تعبدي أو لفهم التعميم من اخبار العلاج، فينقدح مما ذكرنا: ان رفع اليد عن مقتضى القاعدة في دوران الأمر بين التعيين والتخيير لا يجوز الا بدليل معتبر ولا دليل على التخيير الا رواية ابن الجهم وهي لا تصلح للاستناد فالقاعدة مقتضية للأخذ بكل ذي مزية وهو في النتيجة كما أفاد الشيخ وان اختلف في الاستدلال.
هذا كله بعد تسليم عدم جواز رفع اليد عن كلا المتعارضين والعمل بمقتضى الأصول كما هو كذلك للتسالم بين الأصحاب بل كأنه ضروري الفقه، فإذا يجب في المتعارضين الترجيح بكل ذي مزية توجب الأقربية إلى الواقع بل لو ظن أقربية أحدهما بحيث دار الأمر بين التعيين والتخيير يجب الأخذ به تعيينا بمقتضى القاعدة المتقدمة.
ثم اعلم ان ما اخترناه سابقا في وجه الجمع بين اخبار الإرجاء واخبار التخيير من ان مقتضى حمل الظاهر على النص هو حمل اخبار الإرجاء على الاستحباب انما هو مع قطع النظر عن سند اخبار التخيير أو البناء على الانجبار بعمل الأصحاب والا فمع ضعف سندها ودلالة غالبها فلا تصلح للقرينية فلا بد حينئذ اما من حملها على إمكان ملاقاة الإمام بدعوى ظهور الغاية في الممكنة كما صنع شيخنا المرتضى وقد عرفت ما فيه، واما رفع اليد عن ظهورها في الوجوب بدعوى إعراض المشهور عن ظاهرها لذهابهم إلى وجوب ترجيح كل ذي مزية منصوصة وغيرها.