أبعد من التصرف فيه بما يتغير به المعنى بإلقاء قيد أو زيادته مثلا، ففي المثال المتقدم يحتمل ان يكون أحد الخبرين صادرا مع قيد لم ينقله بعض المحدثين والوسائط عمدا أو سهوا وهذا الاحتمال مما لا يعتنى به العقلاء في خبر الثقة، لكن إذا ورد التعبد بالاخذ بما روى أصدقهما حديثا لا يأبون عن الأخذ بقوله في مورد الاجتماع وترك قول غيره فيه، والتفكيك بهذا المعنى غير مستبعد بل هذا ليس تفكيكا بل تعبد بصدور حديث الأوثق بجميع مضمونه وقيوده دون غيره وهذا امر ممكن عقلا وعرفا، فدعوى عدم الإمكان ممنوعة فرفع اليد عن ظاهر أدلة العلاج غير جائز، فإذا تمحض البحث في المتعارضين واتضح حدود الموضوع يقع الكلام في مقصدين في المتكافئين ومقتضى الأصل فيهما المقصد الأول في المتكافئين وفيه بحثان:
البحث الأول في مقتضى الأصل فيهما مع قطع النظر عن الاخبار، والكلام فيه يقع تارة على القول بالطريقية وأخرى على القول بالسببية، اما على الأول فان قلنا بان الدليل على حجية الاخبار هو بناء العقلاء، والأدلة الاخر من الكتاب والسنة إمضائية لا تأسيسية وانما اتكل الشارع في مقاصده على ما هو عند العقلاء من العمل بخبر الثقة كما هو الحق فمقتضى القاعدة هو التوقف وسقوطهما عن الحجية. فان الحجة على الواقع عبارة عن تنجز الواقع بها بحيث تصح للمولى مؤاخذة العبد لدى المخالفة في صورة المصادفة، فإذا قامت الأمارة على وجوب صلاة الجمعة وتركها المكلف وكانت واجبة تصح للمولى عقوبته على تركها، ولو أتى بها وكانت محرمة يصح اعتذار العبد بقيام الأمارة المعتبرة على الوجوب وهذا المعنى متقوم بالوصول، فلو قامت الأمارة واقعا على حرمة شيء وارتكبه العبد بعد فحصه واجتهاده وعدم العثور عليها يكون معذورا لا تصح عقوبته كما انه لو قامت أمارة على حرمته لدى المكلف وقامت أمارة واقعا على عدم الحرمة أقوى من الواصلة وارتكبه العبد وكان محرما واقعا تصح عقوبته ولا عذر له بان الأمارة الراجحة قامت واقعا على عدم الحرمة، لأن الأمارة الواصلة حجة عليه ما لم تصل حجة أقوى إليه.