في مفاد آية النفر ومنها آية النفر سورة التوبة (1): وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون والاستدلال بها للمطلوب يتوقف على أمور: منها - استفادة وجوب النفر منها - ومنها كون التفقه غاية له ومنها - كون الإنذار من جنس ما يتفقه فيه - ومنها - انحصار التفقه بالفرعيات - ومنها - كون المنذر بالكسر كل واحد من النافرين ومنها - كون المنذر بالفتح كل واحد من الطائفة الباقية - ومنها - كون التحذر عبارة عن العمل بقول المنذر - ومنها - وجوب العمل بقوله، حصل العلم منه أولا وخالف قول غيره أولا، فيصير مفاد الآية بعد تسليم المقدمات: يجب على كل واحد من كل طائفة من كل فرقة النفر لتحصيل الفروع العملية ليبينها لكل واحد من الباقين ليعمل المنذر بقوله حصل العلم منه أولا وخالف غيره أولا.
وأنت خبير بعدم سلامة جميع المقدمات لو سلم بعضها فلك ان تمنع كون التفقه غاية للنفر بان يقال: ان قوله: وما كان المؤمنون لينفروا كافة يحتمل ان يكون اخبارا في مقام الإنشاء إلى ليس لهم النفر العمومي كما ورد أن القوم كانوا ينفرون كافة للجهاد وبقي رسول الله صلى الله عليه وآله وحده فورد النهي عن النفر العمومي والأمر بنفر طائفة للجهاد (فحينئذ) لا يكون التفقه غاية للنفر إذا كان التفقه لغير النافرين أي الباقين، لكن الإنصاف ان ذلك خلاف ظاهرها، بل ظاهرها ان المؤمنين ما كانوا بحسب اشتغالهم بأمور المعاش ونظم الدنيا لينفروا جميعا أي النفر العمومي ليس ميسورا لهم ولو لا نفر من كل فرقة طائفة منهم للتفقه، ولا إشكال في ان الظاهر منه مع قطع النظر عن قول المفسرين هو كون التفقه غاية له.
واما كون الإنذار من سنخ ما يتفقه فيه أي بيان الأحكام بنحو الإنذار فليست الآية ظاهرة فيه بل الظاهر منها ان غاية النفر أمران: أحدهما التفقه في الدين وفهم الأحكام