كان عليه جعل الطبيعة مع القيد موضوعا لا نفسها فالاحتجاج متقوم بجعلها موضوعة مع عدم بيان قيد آخر معها لا بد لدلالة لفظ البيع على الإطلاق أو على الافراد أو على عدم دخالة شيء في مطلوبه ضرورة خروج كلها عن مدلول اللفظ، فإذا ورد دليل آخر بان البيع الغرري باطل لا يكون التعارض بينه وبين قوله: أحل الله البيع، تناقضا في المقال ضرورة ان حكم البيع الغرري غير مقول لقوله تعالى: أحل الله البيع لعدم دلالته على افراد البيع وأصنافه، وان شئت قلت: ان التعارض في المقام بين القولين والتلفظين بما انهما فعل اختياري له، وفي العام والخاص بين الكلامين بما لهما من المدلول.
في وجه تقدم العام على المطلق إذا عرفت ذلك نقول ان احتجاج العقلاء في المطلق لما كان متقوما على جعل الطبيعة بنفسها موضوعة وعدم ذكر قيد لها يكون أمد هذا الاحتجاج إلى زمان ورود القيد فإذا ورد ينتهى احتجاجهم ويرتفع موضوعه فتقدم العام الأصولي على المطلق انما هو لكون العام غاية لاحتجاج العقلاء بالإطلاق لكونه بيانا للقيد فلا يمكن ان يكون الإطلاق مخصصا للعموم لحصول غايته بوروده، ولو قيل: ان الخاص أيضا غاية لحجية العام (فغير صحيح) لأن العام لما كان دلالته على العموم دلالة لفظية لا يكون مغيا بشيء بل نفس ظهوره الوضعي مع بعض الأصول العقلائية موضوع الاحتجاج وانما الخاص حجة أقوى فتقديمه عليه من قبيل تقديم أقوى الحجتين لكن بنحو ما ذكرنا سابقا (1) ومما ذكرنا يتضح أمور:
منها ان موضوع الحكم في العام الأصولي كل فرد فرد وفي المطلق نفس حيثية الطبيعة من غير دخالة شيء آخر فيها، وانما يستفاد الافراد من العام الأصولي بدلالة لفظة «كل» ولام الاستغراق وأمثالهما ولا يكون المطلق بعد تمامية مقدمات الإطلاق دالا