وقوله: إذا حكم بحكمنا، ليس المراد الفتوى بحكم الله جزما، بل النسبة إليهم لكون الفقيه حاكما من قبلهم فكان حكمه حكمهم ورده ردهم.
هل الاجتهاد المطلق شرط أم لا ثم ان الجمع المضاف وان كان يفيد العموم وكذا المصدر المضاف ولازمه جعل المنصب لمن عرف جميع الأحكام لكن لا يستفاد منهما العموم في المقام.
اما أولا فلان وقوع الفقرات في مقابل المنع عن الرجوع إلى حكام الجور وقضاتهم يمنع عن استفادة العموم، بل الظاهر ان يكون المنصب لمن عرف أحكامهم ونظر في حلالهم وحرامهم في مقابل المنحرفين عنهم الحاكمين باجتهادهم ورأيهم، بل الظاهر صدق قوله: عرف أحكامنا وغيره على من عرف مقدارا معتدا به منها، والمراد برواية الحديث ليس هو الرواية للغير، ضرورة عدم مدخليتها لجعل المنصب، بل المراد ان يكون فتواه على طبق الرواية ولما كان المرسوم في تلك الأزمنة الإفتاء بصورة الرواية قال: روى حديثنا.
واما ثانيا فلان الظاهر من قوله: «عرف أحكامنا» هو المعرفة الفعلية وهي غير حاصلة بجميع الأحكام لغير الأئمة، بل غير ممكن عادة، فجعل المنصب له لغو فليس المراد معرفة جميع الأحكام. وصرفها إلى قوة المعرفة وملكة الاستنباط مما لا وجه له فيجب صرفها على فرض الدلالة إلى معرفة الأحكام بمقدار معتد به.
واما ثالثا فعلى فرض إمكان المعرفة الفعلية لجميع الأحكام لا طريق لتشخيص هذا الفقيه، فمن أين علم انه عارف فعلا بجميع الأحكام فلا معنى للأمر بالرجوع إليه فلا بد من الحمل على غيره، لكن يجب ان يكون بحيث يصدق عليه انه ممن روى الحديث