كلام مع المحقق الخراساني (قده) واما ما أفاده المحقق الخراساني في الكفاية من ان الوجه هو أظهرية الخاص في مفاده من العام، أو كون الخاص نصا والعام ظاهرا، فهو في النص كذلك، لكن كون الخاص الظاهر أظهر من العام ممنوع، فان قوله: «أهن كل عالم فاسق» ليس أظهر في مفاده من قوله: «أكرم كل عالم» لأن هيئة الأمر ومادته في كل منهما سواء وكلمة (كل) في كل منهما بمعنى واحد (والعالم) في كل منهما مفاده واحد و (الفاسق) يدل على المتلبس بالفسق كدلالة العالم على المتلبس بالعلم من غير فرق بينهما، ولهذا لو بدل قوله ذلك بأهن كل فاسق وأكرم كل عالم فاسق، ينقلب الأمر ويقدم الخاص على العام أيضا، وليس لهيئة الكلام ظهور آخر حتى يدعى أظهرية الخاص، ولو سلم لا يكون أظهر، وهذا واضح، مع ان التصادم بين العام والخاص ليس في مقام الظهور ان كان المراد منه دلالة الألفاظ على معانيها اللغوية أو العرفية.
وبعبارة أخرى ليس التصادم بينهما في الإرادة الاستعمالية لأن العام المخصص ليس بمجاز على ما هو المحقق عندهم فلا يكون الخاص موجبا لانصراف العام عما استعمل فيه ليكون قرينة على مجازية العام بل هو مستعمل بمادته وهيئته في معناه الحقيقي، والخاص انما يوجب الكشف عن الإرادة اللبية فيتصرف في أصالة الجد في العام بواسطة الخاص، ولهذا لا ينظر العرف في أظهرية الخاص من العام، بل نفس أخصيته منه موجب للتصرف فيه أي الكشف عن الإرادة الجدية في العام، والسر كل السر هو ما أشرنا إليه سابقا من ان تعارف إلقاء العمومات والأصول وذكر المخصصات منفصلة في بسيط التشريع ومحيط التقنين أوجب ذلك فصار بواسطة هذا التعارف ارتكازيا للعقلاء والعلماء الباحثين في الأدلة الفقهية (1).