في جواب الإشكال وهذا الشك لا يرتفع الا بإثبات أحد الأمرين على سبيل منع الخلو:
أحدهما - ان الاجتهاد بالمعنى المتعارف في أعصارنا أو قريب منه كان متعارفا في أعصار الأئمة عليهم السلام وان بناء العوام الرجوع إلى الفقهاء في تلك الأعصار وان الأئمة أرجعوهم إليهم أيضا.
وثانيهما إثبات ان الردع عن ارتكاز رجوع الجاهل إلى العالم حتى فيما نحن فيه كان لازما عليهم لو كان غير مرضي ومع عدمه يكشف عن كونه مرضيا.
في تداول الاجتهاد في عصر الأئمة عليهم السلام اما الأمر الأول فتثبت كلتا مقدمتيه بالرجوع إلى الاخبار اما تداول مثل هذا الاجتهاد أو قريب منه فيدل عليه اخبار كثيرة:
منها ما عن محمد بن إدريس في آخر السرائر نقلا عن كتاب هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انما علينا ان نلقي إليكم الأصول وعليكم ان تفرعوا (1) وعنه عن كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال: علينا إلقاء الأصول وعليكم التفريع (2).
ولا ريب في ان التفريع على الأصول هو الاجتهاد وليس الاجتهاد في عصرنا الا ذلك فمثل قوله: «لا ينقض اليقين بالشك» أصل والأحكام التي تستنبطه المجتهدون منه هي التفريعات وليس التفريع هو الحكم بالأشباه والنظائر كالقياس بل هو استنباط المصاديق والمتفرعات من الكبريات الكلية فقوله: «على اليد ما أخذت حتى تؤدى» و «لا ضرر ولا ضرار» و: «رفع عن أمتي تسعة» وأمثالها أصول وما في كتب القوم من الفروع الكثيرة المستنبطة منها تفريعات فهذا الأمر كان في زمن الصادق والرضا عليهما الصلاة