النادر فإنه لم يرد عليها الا تقييد واحد هو كون التخيير فيما إذا لم يكن أحدهما موافقا للعامة والاخر مخالفا لهم، وهذا كما ترى تصرف واحد كسائر التقييدات الشائعة المتعارفة خصوصا مع حكومة بعض الاخبار الآمرة بالاخذ بخلاف العامة على رواية ابن الجهم كقوله: «ما خالف العامة ففيه الرشاد» بناء على كون ذيل المقبولة من اخبار الباب، وقوله في مرسلة الكليني: «دعوا ما وافق القوم فان الرشد في خلافهم» بل وغيرهما، فان الناظر في اخبار الترجيح من موافقة الكتاب ومخالفة العامة يرى ان الترجيح بهما ليس بمحض التعبد بل لكون الموافقة له والمخالفة لهم طريقا إلى الواقع وان الحق والرشد في موافقته ومخالفتهم فيكون أدلة الترجيح حاكمة على قوله: «إذا لم تعلم أيهما الحق فموسع عليك» فالمسألة خالية عن الإشكال من هذه الجهة فلا محيص عن الأخذ بظاهر الأوامر الواردة في الترجيح ولا بد من استقصاء البحث فيها من عقد بحثين.
في الاخبار الواردة في موافقة الكتاب ومخالفته البحث الأول في حال الاخبار الواردة في موافقة الكتاب ومخالفته وهي على كثرتها طائفتان:
الأولى ما وردت في مطلق ما وافق الكتاب وخالفه من غير تعرض لتعارض الحديثين والثانية ما وردت في الحديثين المتعارضين.
فمن الأولى ما عن الكليني بإسناده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ان على كل حق حقيقة وعلى كل صواب نورا فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه» (1).