قبل خلفاء الجور والحق كانوا من الفقهاء الواجدين لقوة الاستنباط كشريح المنصوب من قبل أمير المؤمنين وكابن أبي ليلى وابن شبرمة وقتادة وأضرابهم.
هل يجوز للفقيه نصب العامي للقضاء أم لا؟
فتحصل من جميع ذلك ان منصب القضاء مختص بالفقهاء ولاحظ للعامي منه، فهل يجوز للفقيه نصب العامي العارف بمسائل القضاء تقليدا أم لا؟ ربما قيل بالجواز مستدلا بعموم أدلة ولاية الفقيه، وتقريبه: ان للنبي والوصي نصب كل أحد للقضاء مجتهدا كان أو مقلدا عارفا بالمسائل بمقتضى سلطنتهم وولايتهم على الأمة وكل ما كان لهما يكون للفقيه الجامع للشرائط بمقتضى أدلة الولاية، وردت كلتا المقدمتين:
اما الأولى فلمنع جواز نصب العامي للنبي والوصي بمقتضى مقبولة عمر بن حنظلة الدالة على ان هذا المنصب انما هو للفقيه لا العامي، ويستفاد منها ان ذلك حكم شرعي إلهي وفيه ان المقبولة لا تدل الا على نصب الإمام الفقيه، واما كون ذلك بإلزام شرعي بحيث يستفاد منها ان الفقاهة من الشرائط الشرعية للقضاء فلا.
ويمكن ان يستدل لذلك بصحيحة سليمان بن خالد المتقدمة عن أبي عبد الله قال:
«اتقوا الحكومة فان الحكومة انما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصى نبي» فان الظاهر منها انها مختصة بهما من قبل الله ولا يكون لغيرهما أهلية لها، غاية الأمر أن أدلة نصب الفقهاء لها تكون مخرجة إياهم عن الحصر وبقي الباقي.
بل يمكن ان يقال: ان الفقهاء أوصياء الأنبياء بوجه لكونهم الخلفاء والأمناء ومنزلتهم منزلة الأنبياء من بنى إسرائيل فيكون خروجهم موضوعيا لا يقال: بناء عليه لا معنى لنصبهم حكاما لأنهم الأوصياء فيكون المنصب لهم بجعل الله لأنا نقول: ان المستفاد من الصحيحة ان هذا المنصب لا يكون الا للنبي والوصي وهو لا ينافي ان يكون بنصب النبي أو الإمام لكن بأمر الله تعالى وحكمه فإذا نصب الله تعالى النبي حاكما وقاضيا ونصب النبي الأئمة كذلك والأئمة الفقهاء ويكون الأئمة والفقهاء أوصياء النبي يصح ان يقال:
ان الحكومة منحصرة بالنبي والوصي ويراد منه الأعم من الفقهاء (تأمل).