تركوا الصوارف عمدا أو سهوا وخطاء، ومجرد ورود كثير من المخصصات التي في لسان الأئمة عليهم السلام من طرق العامة أيضا لا يدل على ذلك، وكذا احتمال إيداع نوع الأحكام الواقعية لدى الأئمة عليهم السلام وإخفائها عن ساير الناس بعيد غايته بل يمكن دعوى وضوح بطلانه، لأن ذلك مخالف لتبليغ الأحكام، ودعوى اقتضاء المصلحة ذلك مجازفة، فأية مصلحة تقتضي كون نوع الأحكام معطلة غير معمول بها، مضافا إلى مخالفة ذلك لقوله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع: «معاشر الناس ما من شيء يقربكم من الجنة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به وما من شيء يقربكم من النار ويباعدكم من الجنة الا وقد نهيتكم عنه» والقول بان إيداعها لدى أمير المؤمنين عليه السلام يكفي في رفع المنافاة كما ترى (1).
في علل الاختلاف بين العامة والخاصة وتأخير بيان المخصصات والذي يمكن ان يقال: ان علل اختلاف الأحكام بين العامة والخاصة واختفائها عن العامة وتأخير المخصصات كثيرة.
منها ان رسول الله صلى الله عليه وآله وان بلغ جميع الأحكام الكلية على الأمة لكن لما لم يكن دواعي الحفظ في صدر الشريعة وأول بدء الإسلام قوية لم يضبط جميعها بخصوصياتها الا من هو بطانته وأهل بيته ولم يكن في الأمة من هو أشد اهتماما وأقوى ضبطا من أمير المؤمنين عليه السلام فهو لشدة اهتمامه ضبط جميع الأحكام وتمام خصوصيات الكتاب الإلهي تفسيرها وتأويلها وما كانت دخيلة في فهم آيات الكتاب وضوابط السنن النبوية، ولعل القرآن الذي جمعه وأراد تبليغه على الناس بعد رسول الله هو القرآن الكريم مع جميع الخصوصيات الدخيلة في فهمه المضبوطة عنده بتعليم رسول الله، وبالجملة ان رسول الله وان بلغ الأحكام حتى أرش الخدش على الأمة لكن من لم يفت منه شيء من الأحكام وضبط جميعها كتابا