أرجعه إلى النظر إلى مدرك حكمهما أي الروايتين اللتين كان حكمهما مستندا إليهما فلما كان منهما المجمع عليه بين الأصحاب يؤخذ به من الحكمين ويترك الشاذ.
في معنى المجمع عليه بين الأصحاب والظاهر ان المراد من المجمع عليه بين الأصحاب والمشهور الواضح بينهم هو الشهرة الفتوائية لا الروائية، فان معنى المجمع عليه بينهم والمشهور لديهم ليس إلا هي كما ان الموصوف بأنه لا ريب فيه هو الذي عليه الشهرة الفتوائية بحيث كان مقابله الشاذ النادر واما نفس شهرة الرواية مجردة عن الفتوى فهي مورثة للريب بل للاطمئنان أو اليقين بخلل فيها بخلاف ما إذا اشتهر رواية بين الأصحاب بحسب الفتوى بحيث صار مقابله الشاذ النادر فإنها تصير لأجله مما لا ريب فيها، ومعلوم ان مراده من قوله: «ان المجمع عليه لا ريب فيه» ليس جعل التعبد بذلك بل تنبه بأمر عقلائي ارتكازي بين العقلاء، فان الإجماع والاشتهار بين بطانة كل رئيس يكشف عن رضاه به فإحدى الروايتين إذا كانت بهذه الصفة يؤخذ بها وبالحكم المستند إليها ويترك الشاذ المقابل لها وقوله: انما الأمور ثلاثة (إلخ) كالتعليل لقوله يؤخذ بالمجمع عليه ويترك الشاذ فان الأمور مطلقا لا تخلو من بين الرشد فيتبع والمجمع عليه كذلك وبين الغى فيجتنب والشاذ النادر كذلك وامر مشكل.
وان شئت قلت: أشار بقوله: «هذا» إلى ترتيب قياس بان يقال: ان المجمع عليه لا ريب فيه، وكل ما كان كذلك بين رشده فهو كذلك، ثم يجعل النتيجة صغرى لكبرى أخرى فيقال: ان المجمع عليه بين رشده، وكل ما كان كذلك يجب اتباعه، فالمجمع عليه يجب اتباعه، وعليك بترتيب قياسين آخرين لاستنتاج وجوب الاجتناب عما هو بين غيه ولا يجوز إدراج مقابل المجمع عليه في امر مشكل، ضرورة ان شيئا إذا كان لا ريب فيه وبين الرشد يكون مقابله ومعارضه مما لا ريب في بطلانه وبين غيها ولا يمكن ان يكون أحد طرفي النقيضين واضح الصحة وبين الرشد وطرفه الآخر مشكوكا فيه وفيه الريب فلا يمكن ان تكون إحدى الروايتين المتعارضتين لا ريب فيها ومعلومة