في حال الفتوى المستند إلى الأصول هذا حال الفتوى المستند إلى الأمارات واما إذا استند إلى الأصول كأصالتي الطهارة والحلية في الشبهات الحكمية وكالاستصحاب فيها وكحديث الرفع فالظاهر هو الاجزاء مع اضمحلال الاجتهاد، اما في أصالتي الطهارة والحل فلان الظاهر من دليلهما هو جعل الوظيفة الظاهرية لدى الشك في الواقع فان معنى قوله: «كل شيء نظيف حتى تعلم انه قذر» و «كل شيء حلال حتى تعرف انه حرام بعينه» ليس انه طاهر وحلال واقعا حتى تكون النجاسة والحرمة متقيدين بحال العلم بهما، ضرورة انه التصويب الباطل ولا معنى لجعل المحرزية والكاشفية للشك مع كونه خلاف أدلتهما، ولا لجعلهما لأجل التحفظ على الواقع، بل الظاهر من أدلتهما هو جعل الطهارة والحلية الظاهريتين ولا معنى لهما الا تجويز ترتيب آثار الطهارة والحلية مع المشكوك فيه، ومعنى تجويز ترتيب الآثار تجويز إتيان ما اشترط فيه الطهارة والحلية مع المشكوك فيه فيصير المأتي به معهما مصداق المأمور به تعبدا فيسقط امره.
فإذا دل الدليل على لزوم إتيان الصلاة مع طهارة الثوب ثم شك في طهارة ثوبه دل قوله كل شيء طاهر الذي يرجع إلى جواز ترتيب الطهارة على الثوب المشكوك فيه على جواز إتيان الصلاة معه وتحقق مصداق الصلاة به فإذا تبدل شكه بالعلم لا يكون من قبيل كشف الخلاف كما ذكرنا في الأمارات لأنها كواشف عن الواقع فلها واقع تطابقه أولا تطابقه بخلاف مؤدى الأصلين فان مفاد أدلتهما ترتيب آثار الطهارة أو الحلية بلسان جعلهما فتبديل الشك بالعلم من قبيل تبديل الموضوع لا التخلف عن الواقع فأدلتهما حاكمة على أدلة جعل الشروط والموانع في المركبات المأمور بها.
وبالجملة إذا امر المولى بإتيان الصلاة مع الطهارة وأجاز الإتيان بها في ظرف الشك مع الثوب المشكوك فيه بلسان جعل الطهارة وأجاز ترتيب آثار الطهارة الواقعية عليه ينتج جواز إتيان الصلاة المأمور بها مع الطهارة الظاهرية ومعاملة المكلف معها معاملة الطهارة الواقعية فيفهم العرف من ذلك حصول مصداق المأمور به معها فيسقط