في بيان أصالتي الحقيقة والجد ثم اعلم ان الشك قد يقع في ان المتكلم هل أراد من اللفظ معناه المجازي سواء قلنا بان المجازات من قبيل استعمال الألفاظ في غير ما وضعت له أو قلنا بأنها من قبيل استعمالها في معانيها الحقيقية وإرادة المعنى المجازي بدعوى كونه مصداقا للمعنى الحقيقي، ففي قوله أكرم العلماء قد يشك في انه أراد (بالعلماء) هو المعنى الحقيقي أي كل ما يتلبس بالعلم أو الفقهاء خاصة، اما باستعمال اللفظ الموضوع للعام في بعض المصاديق لعلاقة، أو بدعوى كون الفقهاء تمام مصاديق العلماء وتنزيل غيرهم منزلة العدم كما هو الرأي الفصل في مطلق المجازات، ولا شك في ان بناء العقلاء على الحمل على المعنى الحقيقي وهذا أصل عقلائي.
وقد يشك بعد إحراز كون اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي ومريدا به ذلك لا الادعائي في ان إلقاء العموم انما هو لأجل البيان القانوني وإلقاء القاعدة ولا يريد إكرام جميعهم جدا بل يريد إكرام الفقهاء مثلا ويأتي بالمخصص في كلام مستأنف، أو يكون كلامه غير مطابق للجد لأجل التقية أو امر آخر، ولا إشكال فيه أيضا في ان الأصل العقلائي هو الحمل على تطبيق الإرادة الاستعمالية للجدية، وهذه هي أصالة الجد، وهذان أصلان لدى العقلاء بكل منهما يحرز حيثية من حيثيات كلام المتكلم.