الرسائل - السيد الخميني - ج ٢ - الصفحة ٥١
اختيار الشيخ في جمع الاخبار وما فيه فهذه جملة من الروايات المستدل بها للتخيير والتوقف، وقد اختلف إنظار المحققين في الجمع بينها، اختار شيخنا المرتضى تبعا لبعض الجمع بينها بحمل اخبار الإرجاء والتوقف على صورة التمكن من الوصول إلى الإمام كما يظهر من بعضها قال: «فيظهر منها ان المراد ترك العمل وإرجاء الواقعة إلى لقاء الإمام، لا العمل فيها إلى الاحتياط» وهذا لا يخلو من بعد وإشكال لأن المراد من التمكن اما ان يكون التمكن الفعلي في حال حضور الواقعة ووقت العمل بان يكون الإمام حاضرا في البلد مثلا فهو مخالف لسوق الاخبار، لأن الظاهر منها السؤال عن الواقعة المختلفة فيها الاخبار منهم وكان السائل متحيرا في حكمها لأجله وليس له طريق إلى حكمها يحسم مادة الخلاف والإشكال ولهذا ترى ان سماعة يقول: «لا بد لنا من العمل بأحدهما فأجاب بأنه خذ بما فيه خلاف العامة».
واما ان يكون المراد التمكن ولو في المستقبل في مقابل عدم التمكن مطلقا فحمل اخبار التخيير عليه بعيد، فان حمل مثل رواية ابن الجهم التي هي العمدة في الباب على عدم التمكن مطلقا حمل على الفرد النادر بل من قبيل خروج المورد، خصوصا إذا قلنا بان المراد من قوله في موثقة سماعة: «يرجئه حتى يلقى من يخبره» أعم من لقاء الإمام أو من هو من بطانته وفقهاء أصحابه ممن يعرف فتاواه الصادرة لأجل بيان الحكم الواقعي أو لغيره كما لا يبعد، وحمل اخبار التخيير على زمان الغيبة أبعد مع انه ورد في خبر الحارث بن المغيرة نظير ما في اخبار التوقف لو كان من اخبار التخيير كما عدوه، وبالجملة في كون هذا الجمع عرفيا مقبولا إشكال (1).

(١) قد يقال في الجمع بين اخبار باب التعارض بما يرجع إلى ما قاله الشيخ نتيجة غير انه بتقريب آخر ومحصله: ان اخبار الباب على طوائف أربع: الأولى ما تدل على التخيير مطلقا، والثانية ما تدل على التخيير في زمن الحضور، والثالثة ما تدل على التوقف في زمن الحضور، الرابعة ما تدل على التوقف مطلقا وان لم أقف على رواية تدل عليه ولكن حكى ما يدل على ذلك، والتحقيق في الجمع بينها ان النسبة بين الأولى والثانية وكذا الثالثة والرابعة وان كانت عموما مطلقا الا انه لا تعارض بينهما، فالتعارض بين الأولى والرابعة بعموم من وجه و بين الثانية والثالثة بالتباين ولا يهمنا البحث عن رفع التعارض بين ما دل على التوقف والتخيير في زمان الحضور لأنه لا أثر له، ونسبة الأولى والثالثة هي العموم والخصوص فيقيد إطلاق الأولى بالثالثة أي بغير زمان الحضور فتنقلب النسبة حينئذ بين الأولى والرابعة إلى العموم المطلق وصناعة الإطلاق والتقييد يقتضى حمل اخبار التوقف على زمان الحضور والتمكن من ملاقاة الإمام فيرتفع التعارض من بينها وتكون النتيجة هي التخيير في زمان الغيبة ويرد عليه أولا انه لا تكون النسبة بين ما تدل على التخيير مطلقا وبين ما تدل على التوقف كذلك عموما من وجه لأن التخيير انما هو عدم التوقف وهل النسبة بين التوقف وعدمه عموم من وجه؟ تأمل.
وثانيا كما ان النسبة بين الأولى والثالثة هي العموم والخصوص فكذلك النسبة بين الثانية والرابعة وصناعة الإطلاق والتقييد تقتضي تقييد اخبار التوقف مطلقا بزمان الغيبة فيعود التعارض بين الأدلة على حاله كما تفطن عليه مقرره فراجع - وثالثا ان ما تدل على التوقف في زمان الحضور يعارض ما تدل على التخيير في هذا الزمان ومع ابتلائهما بالمعارضة كيف يصلح ان يكون الأول مقيدا لإطلاق أدلة التخيير مطلقا أو الثاني مقيدا لإطلاق ما تدل على التوقف مطلقا؟
(٥١)
مفاتيح البحث: الإختيار، الخيار (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست