اختيار الشيخ في جمع الاخبار وما فيه فهذه جملة من الروايات المستدل بها للتخيير والتوقف، وقد اختلف إنظار المحققين في الجمع بينها، اختار شيخنا المرتضى تبعا لبعض الجمع بينها بحمل اخبار الإرجاء والتوقف على صورة التمكن من الوصول إلى الإمام كما يظهر من بعضها قال: «فيظهر منها ان المراد ترك العمل وإرجاء الواقعة إلى لقاء الإمام، لا العمل فيها إلى الاحتياط» وهذا لا يخلو من بعد وإشكال لأن المراد من التمكن اما ان يكون التمكن الفعلي في حال حضور الواقعة ووقت العمل بان يكون الإمام حاضرا في البلد مثلا فهو مخالف لسوق الاخبار، لأن الظاهر منها السؤال عن الواقعة المختلفة فيها الاخبار منهم وكان السائل متحيرا في حكمها لأجله وليس له طريق إلى حكمها يحسم مادة الخلاف والإشكال ولهذا ترى ان سماعة يقول: «لا بد لنا من العمل بأحدهما فأجاب بأنه خذ بما فيه خلاف العامة».
واما ان يكون المراد التمكن ولو في المستقبل في مقابل عدم التمكن مطلقا فحمل اخبار التخيير عليه بعيد، فان حمل مثل رواية ابن الجهم التي هي العمدة في الباب على عدم التمكن مطلقا حمل على الفرد النادر بل من قبيل خروج المورد، خصوصا إذا قلنا بان المراد من قوله في موثقة سماعة: «يرجئه حتى يلقى من يخبره» أعم من لقاء الإمام أو من هو من بطانته وفقهاء أصحابه ممن يعرف فتاواه الصادرة لأجل بيان الحكم الواقعي أو لغيره كما لا يبعد، وحمل اخبار التخيير على زمان الغيبة أبعد مع انه ورد في خبر الحارث بن المغيرة نظير ما في اخبار التوقف لو كان من اخبار التخيير كما عدوه، وبالجملة في كون هذا الجمع عرفيا مقبولا إشكال (1).